معطيات مقلقة تلك التي كشف عنها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، في تقرير حديث له حول "الفوارق الاجتماعية في علاقتها مع المدرسة"، عرضت مضامينه من طرف رحمة بورقية مديرة الهيئة الوطنية للتقييم، خلال ندوة صحفية صباح اليوم الاثنين بالرباط. التقرير الذي يأتي في إطار مساهمة المجلس في التفكير حول "النموذج التنموي"، أشار إلى أن "التلاميذ يصلون إلى المدرسة وهم غير متساوين من حيث وضعهم الاجتماعي ورصيدهم الثقافي"، وهو ما يؤثر بشكل جلي على "إنجازاتهم المدرسية". وأشارت بورقية إلى أن الفوارق الاجتماعي ودخل الأبوين "له تأثير على استحقاقات التلاميذ المغاربة وعلى النجاح الدراسي لديهم"، مشيرة في هذا السياق إلى أن "المغرب يعرف فوارق اجتماعية ونقص في الرفاه الاجتماعي، وذلك حسب تقرير التنمية البشرية لسنة 2016 لبرنامج الأممالمتحدة الانمائي، الذي كشف أن "الخسائر في التنمية بالمغرب بسبب الفوارق الاجتماعية تقدر ب45.8 في المائة". كما أقر التقرير وجود فوارق من حيث النوع، إذ أن "الفتيات معرضات أكثر من الذكور لمغادرة المدرسة مبكرا ابتداء من السنة الأولى من الابتدائي، خاصة في العالم القروي، وأخرى ناتجة عن التراتبية بين النظامين العمومي والخصوصي، والتي أكد التقرير أن لها "لها تأثير على مستوى التمثلات و القيم التي يمنحها المجتمع لكل منهما ما يؤدي إلى الميز وعدم الاختلاط الاجتماعيين". ومن بين الفوارق الأخرى التي رصدها "مجلس عزيمان"، صعوبة "إدماج الأطفال في وضعية إعاقة"، وكذا "استمرار معضلة الانقطاع عن الدراسة" و"فشل نظام التوجيه"، الذي قالت عنه بورقية إنه "لا يسمح بمرور التلاميذ من مسلك لآخر". وبخصوص الفوارق الموجودة بالتعليم العالي، أوضح التقرير أنها ترجع إلى "تعدد الأنظمة وخصوصا النظام المزدوج المكون من الاستقطاب المحدود والاستقطاب المفتوح"، بالإضافة إلى الانتقاص من قيمة نظام الأقطاب المفتوح في سوق الشغل"، مؤكدا على أن هذه الفوارق "تضع حدودا في مبدأ الاستحقاق بفعل وجود آليات استبعاد وتضخم التفاوتات"، بالإضافة إلى كلفتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتأثيرها على ترتيب البلاد من حيث مؤشرات التنمية البشرية الدولية". ولتجاوز هذه الفوارق وتأثيرها، دعا التقرير إلى "التخلص من الأمية التي تغذي هذه الفوارق، وتجفيف مصادرها بإجبارية فعلية للتربية من أربع سنوات إلى خمسة عشر سنة"، مع "توسيع وتحسين نجاعة الدعم الاجتماعي" للوصول إلى "تعليم إجباري منصف وذي جودة مع الاحتفاظ بجميع التلاميذ في المدرسة". كما دعا التقرير إلى توفير تربية تقوم على العدالة اللغوية والمعرفية والثقافية، خصوصا وأن "اللغات الأجنبية اصبحت مصدر اللاعدالة، فالذين يتوفرون عليها تفتح أمامهم أبواب سوق الشغل واستكمال الدراسة في الخارج"، وفق تعبير بورقية، التي شددت على ضرورة "الاشتغال على سياسة لغوية عادلة مع إعطاء أولوية للعربية والأمازيغية لغات الهوية المغربية بالموازاة مع اللغات الأجنبية وإعطائها أهمية"، إلى جانب "توسيع فئة المتعلمين لتوسيع الطبقة المتوسطة". وخلص التقرير إلى أن "النقص في التربية يكبح زخم الحركية الاجتماعية الصاعدة وتجديد النخب لتوفير أساس ديمغرافي للنموذج التنموي"، الأمر الذي يستوجب "توسيع الطبقة الوسطى على أساس سكان مؤهلين ومتعلمين تعليما جيدا، توفر للبلاد الكفاءات الضرورية والقادرة على إنجاز مشاريعها الكبرى".