لم يفوت محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، فرصة مناقشة التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، في الجلسة العامة بمجلس النواب، أمس الأربعاء، دون أن يرد على الانتقادات التي وجهتها بعض الفرق النيابية بخصوص تدبير المالية العمومية، إذ أكد في هذا الصدد أن "مداخلات بعض الفرق النيابية، حملت التقرير ما لا يحتمل". وقال بوسعيد مخاطبا البرلمانيين إن "ما لاحظته خلال المناقشة أنه حملنا التقرير ما لا يحتمل، إذ كل من الفريقين أخذا قسطا منه، ووظفه لأجل أشياء، ليست بالسوداية التي جاءت في التقرير "، مضيفا أن هذا الأخير "حاول أن يكون محايدا إلى أقصى حد، بل وتضمن روحا إيجابية، تتطلب منا نقاشا هادئا، لتصحيح ما يمكن تصحيحه، وتثمين بالمقابل التراكمات الإيجابية التي تحدث عنها." وبخصوص ما تضمنه التقرير حول "عجز الميزانية"، اعتبر بوسعيد أن المنهجية التي تعتمدها الحكومة لحساب العجز هي "منهجية صحيحة، وهي نفسها التي اعتمدت في طل الحكومات السابقة"، مشيرا إلى أن هذه المنهجية "مصادق عليها من طرف المؤسسات المالية الدولية، كما أنها مضمنة بالقانون التنظيمي للمالية". ورفض الوزير بشدة اتهام المعارضة للحكومة ب"الكذب"، في موضوع "احتساب العجز"، ليتساءل قائلا: "من سيثق فينا إذا لم تكن حساباتنا المالية منسجمة مع مبدأ الصدقية؟ ثم إن صندوق النقد الدولي يجالسنا ويطلع على حساباتنا بالتالي فميمكنش نقولوا داخل قبة البرلمان أشياء مجاتش في التقرير"، الذي كان واضحا إذ دعا إلى "ضرورة مراجعة المنهجية التي تعتمدها الحكومة في احتساب نسبة العجز". وفيما يخص تدبير الحسابات الخصوصية، التي كان إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، خلال تقديمه للتقرير، قد قال إنه "تشوبه العديد من الاختلالات"، تعهد بوسعيد بالعمل مع البرلمان على "حذف كل حساب خصوصي لا يؤدي مهمته التي أنشأ من أجلها سابقا." وبعدما أشار إلى أن عدد الحسابات الخصوصية، انتقل من 156 حسابا قبل سنوات إلى 71 حسابا خصوصيا خلال السنة لجارية، ذكر الوزير بأن القانون التنظيمي للمالية ، نص على أن الحسابات الخُصوصية التي لا تسجل خلال ثلاث سنوات السابقة أي نفقات يتم حذفها"، قبل أن يشدد أن بعض الحسابات تخدم قطاعات إجتماعية، "ويجب على الآمرين بالصرف أن يحسنوا من تدبيرهم لها." وكان جطو قد أكد أن تدبير الحسابات الخصوصية تشوبه العديد من الاختلالات، من أهمها تنامي عددها، وذلك على الرغم من تقليص فئاتها بمقتضى القانون التنظيمي للمالية لسنة 2015، وترشيد بعضها من خلال مقتضيات قوانين المالية للسنوات الأخيرة. وقال جطو إن جزءا من هذه الحسابات يتوفر على أرصدة مرتفعة بصفة بنيوية، إذ بلغت أرصدتها عند نهاية 2016 ما يزيد عن ما يزيد عن 122,7 مليار درهما، معتبرا أن أن حجم هذه الأرصدة يؤشر عن ضعف البرمجة وعدم تتبع العمليات المتعلقة بها ويطرح تساؤلات حول الدلالة الميزانياتية والمحاسباتية لهذا الصنف من الاعتمادات، مسجلا بهذا الخصوص، أن هناك حسابات ذات طابع اجتماعي تتوفر على أرصدة مهمة لكنها غير مستعملة، وفي المقابل، هناك حاجيات ملحة ومستعجلة في المجالات الاجتماعية تواجه إكراهات في التمويل.