في خطوة غير مسبوقة، أعلن رئيس الجمهورية الجزائرية عن قرار "التعبئة العامة" بموجب المادة 88 من الدستور، وهو ما أثار موجة من التساؤلات والجدل في الأوساط السياسية والإعلامية. والتعبئة العامة هي إجراء استثنائي يقرره رئيس الجمهورية وفقًا للمادة 88 من الدستور الجزائري، حيث يتم استنفار جميع الموارد البشرية والمادية لمواجهة تهديدات خطيرة تمس الأمن القومي أو استقرار البلاد. وتاريخيًا، لا تخرج الجزائر هذا النوع من القوانين من درج السلطة إلا في اللحظات الحرجة. فقد كانت المرة الأولى في حرب الرمال سنة 1963، والثانية خلال العشرية السوداء التي كادت أن تُسقط الدولة. أما الآن، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يُحضَّر في الخفاء لتبرير هذا القرار؟ يربط بعض المهتمين في الشأن السياسي هذه الخطوة بالتطور الذي يعرفه ملف الصحراء المغربية. فالمغرب في طريقه لإغلاق ملف الصحراء نهائيًا، بعد أن راكم دعمًا دوليًا غير مسبوق، وقوى جبهته الداخلية، وحوّل مبادرة الحكم الذاتي إلى مرجعية أممية، ولم يبقَ له إلا القليل ليُطوى هذا الملف الذي كلّف المنطقة أكثر من أربعة عقود من التوتر. وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت في بيان صدر الأحد الماضي أن مجلس الوزراء، تحت رئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، صادق في اجتماعه على مشروع قانون يتعلق بالتعبئة العامة، والذي يهدف إلى "تحديد الأحكام المتعلقة بتنظيم وتحضير وتنفيذ التعبئة العامة، وفقًا لما هو منصوص عليه في المادة 99 من الدستور". وتنص هذه المادة على أن "لرئيس الجمهورية الحق في اتخاذ قرار التعبئة العامة في مجلس الوزراء بعد الاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن، واستشارة رئيس مجلس الأمة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني".