رغم التغييرات الهيكلية التي عرفها قطاع الماء والكهرباء بجهة الدارالبيضاء-سطات، والتي وضعت في إطار تحسين جودة الخدمات وتخفيض الكلفة على المواطنين، لا تزال الشكاوى تتقاطر، خصوصا بعد تسليم تدبير هذا المرفق الحيوي للشركة الوطنية "SRM" خلفا للشركة الفرنسية "ليديك". وفي هذا السياق، خرج فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالجهة ببلاغ شديد اللهجة، سلط الضوء على سلسلة من الخروقات والممارسات التي تمس جيوب المواطنين وحقوقهم كمستهلكين، وتشكك في جدوى الإصلاحات المعلنة في هذا القطاع. وأكدت الهيئة، في البلاغ الذي تتوفر "رسالة24" على نسخة منه، أن المواطنين كانوا يمنون النفس بمرحلة جديدة تتسم بالشفافية وتحسين الأداء، غير أن الواقع الميداني أبان عن استمرار عدد من الإشكالات البنيوية، في مقدمتها ارتفاع الفواتير بشكل مفاجئ وغير مبرر، ما أثار استياء واسعا في صفوف الأسر المتضررة. وسجلت الهيئة ما وصفته ب"العبث" في نظام الفوترة، حيث لا يتم احترام الآجال الزمنية لقراءة العدادات وإصدار الفواتير، ما يفتح الباب أمام احتساب استهلاك مبالغ فيه لا يعكس الاستهلاك الحقيقي للمواطن. كما نددت بفرض غرامات عن التأخير في الأداء دون سند قانوني واضح، في وقت تعيش فيه شرائح واسعة من المواطنين أوضاعا اجتماعية واقتصادية صعبة. من جهة أخرى، أثارت الهيئة موضوع تعيير العدادات، معتبرة أن الطريقة المعتمدة لا تضمن نزاهة العملية، ودعت إلى تمكين المستهلك من اختيار المختبر الذي يرغب في إجراء الفحص من خلاله، بدل حصر الأمر في جهات محددة. كما شددت على ضرورة إعادة النظر في طريقة احتساب المستحقات الثابتة، التي تختلف بين حي وآخر داخل نفس المدينة، مما يخلق نوعا من "التمييز السعري" غير المبرر. وفي معرض حديثها عن أداء الشركة الجديدة SRM، انتقدت الهيئة ما أسمته "غيابا للرقابة الفعلية والمستمرة من طرف السلطات المختصة"، وهو ما يفسح المجال أمام استمرار الاختلالات دون مساءلة أو محاسبة، على الرغم من الوعود الحكومية بضمان حكامة جيدة في تدبير الخدمات العمومية. ودعت الهيئة الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها كاملة من خلال التدخل العاجل لتقويم الاعوجاج الحاصل، وفتح تحقيق شفاف في طريقة تدبير القطاع، والوقوف عند مدى احترام دفاتر التحملات والشروط التعاقدية. كما طالبت الهيئة بإشراك هيئات المجتمع المدني والهيئات الرقابية في مراقبة جودة الخدمات والأسعار، بما يعزز ثقة المواطنين في المرافق العمومية ويصون حقوقهم من أي تجاوزات محتملة. وختمت الهيئة بلاغها بتجديد التزامها بمواصلة تتبع هذا الملف عن كثب، والدفاع عن مطالب الساكنة، داعية إلى حوار مؤسساتي يضم مختلف الأطراف المعنية لإيجاد حلول عملية ومستدامة تضع المواطن في قلب الاهتمام، وتضمن عدالة خدمية حقيقية.