سجل محمد المعتصم، الفاعل الجمعوي في قطاع الكُتبيين، عدة ملاحظات على الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للكتاب بالرباط. وتتجلى أولى هذه الملاحظات في العنوان الذي تم اختياره للتظاهرة، حيث يطالب وزارة الثقافة بمراجعة العنوان، مبررًا ذلك بالقول: "لأن ما شاهدناه في دورة هذه السنة لا يتناسب مع تسمية " المعرض الدولي للكتاب "وإنما 'المعرض الدولي للمؤسسات والألعاب والكتاب'". ويتابع قائلاً: إن المعرض الدولي للكتاب يعد محطة ثقافية مهمة تجمع الكُتبيين والناشرين والمؤلفين والمؤسسات التربوية والثقافية من داخل المغرب وخارجه، ويشكل فرصة للترويج للقراءة، وتبادل المعرفة، وبناء جسور التواصل بين الفاعلين في مجال الكتاب. غير أن دورة هذه السنة عرفت غياب عدد كبير من العارضين من داخل المغرب وخارجه، نتيجة مجموعة من الأسباب التي أثارت استياءً واسعًا في صفوف المهنيين. ومن أبرز هذه الأسباب: ارتفاع الأسعار، فقد سجل الفاعل التربوي الارتفاع الفاحش لثمن المتر المربع، مما جعل كلفة المشاركة مرتفعة بشكل غير مبرر.والخلط غير المنطقي الحاضر في فضاء المعرض بين الناشرين والكتبيين والموزعين والمؤلفين من جهة، ومؤسسات الدولة وألعاب الأطفال من جهة أخرى، حيث تحتل هذه الأخيرة أكثر من نصف مساحة المعرض، مما أفرغ التظاهرة من هويتها الثقافية وجعلها أقرب إلى سوق تجاري مختلط بدل أن تكون معرضًا دوليًا مخصصًا للكتاب. كما سلط الفاعل الجمعوي الضوء على ضعف التنظيم وغياب الحد الأدنى من الخدمات، حيث يشتكي العارضون من:غياب مراحيض كافية ومهيأة. وعدم توفير مسجد للصلاة. ثم انعدام المقاهي أو أماكن مخصصة للراحة، مما يتسبب في ارتفاع أسعار المواد والخدمات بشكل غير مبرر. ونقص في فضاءات ركن السيارات، مما يؤدي إلى إزعاج كبير للسكان المجاورين للمعرض. وعبر العتصم عن استياءه من حالة الفوضى في بيع الكتب من طرف بعض المؤسسات التابعة للدولة، حيث تمّ خرق القانون من خلال ممارسة أنشطة تجارية داخل المعرض من طرف مؤسسات يُفترض أن تكون عمومية وتكتفي بعرض الكتب فقط، لا أن تمارس البيع المباشر. ويعدّ هذا السلوك حسبه تجاوزًا صارخًا لمبدأ تكافؤ الفرص، ويُسيء إلى هوية المعرض كمناسبة ثقافية وطنية. ويرى من موقعه كمهني في قطاع الكتاب أن هذا المعرض، الذي تُصرف عليه المليارات وتُحصَّل فيه المليارات، يثير تساؤلات جدية: من هو المستفيد الحقيقي من هذا الحدث الثقافي الهام؟ المفترض أن يكون هذا المعرض مناسبة لدعم وتشجيع الكتاب والقراءة لدى الجميع، وليس مناسبة لتحقيق أرباح على حساب القيم الثقافية والمهنية. ويعتقد المهني أن كل هذه النقائص دفعت عددًا من العارضين إلى مقاطعة الدورة الحالية، مما أدى إلى فراغ واضح في عدد من الأروقة. وهو ما يستوجب مراجعة شاملة لطريقة التنظيم، والتفكير في صيغ جديدة أكثر احترامًا لمهنة الكتاب والنشر، وأقرب لتطلعات المهنيين. ويخلص الفاعل الجمعوي إلى أنه لم يعد من الممكن إخفاء حقيقة الحاجة إلى فتح نقاش جاد ومسؤول بين الجهات المنظمة وجميع المتدخلين في القطاع، من أجل النهوض بهذا المعرض وجعله في مستوى تطلعات الجميع، والحفاظ على مكانته كمحفل ثقافي رائد.