في مناخ عالمي يشهد تقلبات جيوسياسية ومنافسة اقتصادية حادة، تتصاعد الحرب الاقتصادية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وجمهورية الصين الشعبية. وهو صراع لا يقل ضراوة عن الحروب التقليدية، لكنه يُخاض باستخدام أدوات غير تقليدية: الرسوم الجمركية، القيود التجارية، الحظر التكنولوجي، والتحكم في سلاسل التوريد. ويرى خبراء الاقتصاد أن الصراع بين الولاياتالمتحدةوالصين "ليس مجرد تنافس تجاري، بل هو صراع حول من سيقود النظام الاقتصادي العالمي للعقود قادمة". ويضيفون: "نحن أمام حرب باردة جديدة، ولكن هذه المرة ساحتها ليست برلين أو فيتنام، بل موانئ التجارة العالمية ومنصات الابتكار الرقمي". وتستخدم واشنطن سلاح الاقتصاد لإبطاء صعود الصين، لكنها بذلك تعرقل أيضاً استقرار السوق العالمي. وتؤكد التقارير أن "العالم بحاجة إلى تعاون، وليس إلى مزيد من الانقسام الاقتصادي". فقرارات ترامب الأخيرة تهدف إلى الضغط على الصين لتغيير سياساتها التجارية، والذي جاء في وقت حساس، وضع العلاقات الاقتصادية بين البلدين على شفا الانهيار في مجالات حيوية مثل التكنولوجيا والطاقة النظيفة. ولقد أثرت الرسوم الجمركية الجديدة، التي فُرضت على قطاعات استراتيجية مثل الإلكترونيات، السيارات، والمواد الخام، بشكل ملموس على سلاسل التوريد العالمية، وزادت من تكلفة الإنتاج في العديد من الصناعات الأمريكية التي تعتمد على المواد والمنتجات الصينية. وفي المقابل، ردت الصين بزيادة الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية، مما زاد من حدة التوترات بين الجانبين. ولا تقتصر تداعيات رفع الرسوم الجمركية على الاقتصادات الأمريكيةوالصينية فقط، بل تمتد لتؤثر بشكل غير مباشر على استقرار الأسواق العالمية. فوفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي لعام 2025، فإن تصعيد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم يزيد من تقلبات الأسواق المالية ويؤثر سلباً على نمو التجارة العالمية. ورغم التصعيد المستمر، هناك دعوات للعودة إلى طاولة المفاوضات بين الولاياتالمتحدةوالصين. فهذا مارك ريتشاردسون، محلل سياسي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، يرى أن " هناك فرصة لتهدئة الأوضاع خاصة مع تزايد ضغط الشركات الكبرى على الحكومة الأمريكية "، كما " قد تكون هناك رغبة في التوصل إلى اتفاق تجاري يعالج القضايا العالقة مثل سرقة الملكية الفكرية ". ومحاولات التهدئة هذه، يضيف ريتشاردسون " تظهر على الأقل في بعض القطاعات". وتواصل الحرب الاقتصادية بين الولاياتالمتحدةوالصين تأثيرها على الاقتصاد العالمي، وتبقى الأسئلة مفتوحة بشأن آفاق هذا الصراع في المستقبل، في ظل استمرار ارتفاع الرسوم الجمركية في عام 2025، والتي ستسبب تقلبات مستمرة في الأسواق العالمية. والتي ستبقى رهينة إما العودة إلى المفاوضات والتعاون أو استمرار تصعيد هذا النزاع الذي قد يمتد لسنوات قادمة.