"أسود الخلافة في المغرب الأقصى"، هي التسمية التي كشفت عنها تحريات المكتب المركزي للأبحاث القضائية بخصوص عنوان المجموعة الإرهابية التي تم تفكيكها مؤخرا، وتم إخراج أفراد منها من جحورها وهي تخطط للقتل والتدمير، وتستعد للمرور إلى مرحلة متقدمة في تنفيذ عمليات إجرامية خطيرة تستهدف الأرواح والممتلكات في مختلف مدن المملكة، بعد أن مكنها مستخدموها القابعون والآمنون في بؤر التوتر، وفوق الجماجم بالجوار الشرقي للمغرب من أسلحة وذخيرة حية وعدة وعتاد، لمعاكسة بلادنا والانتقام منها وشفاء الغل والحقد على نجاحاتها ومكتسباتها الأمنية، خاصة تلك النجاحات التي تبدد ظلامهم، وتزري بمخططاتهم العدوانية، وتكشف عوارهم وفشلهم الدائم في زعزعة أمن البلاد وضرب مصالح العباد. من تسم نفسها ب"أسود الخلافة في المغرب الأقصى"، مكونة من أفراد مستواهم التعليمي متدن، ووضعيتهم لا تسمح حتى بقيادة عجلة، ولا تمت بأي صلة لا إلى أنفة وكبرياء الأسود، ولا إلى نظام إداري للخلافة والسياسة، وإقامة حكم شرعي أو مدني، وكل ما أتقنته تحت يافطة الأسود والخلافة والمغرب الأقصى هو العمالة لأجنبي موتور والائتمار بأوامر من يحركون مخططات التخريب في بلد يستظل هؤلاء المستأسدون بظله، وينعمون هم وأسرهم وعائلاتهم بأمنه ورعايته، ويخططون في الظلام لحمامات الدم والغدر والخيانة مما ليس لا من شيم الأسود ولا المغاربة ولا حتى أي دولة من دول الخلافة والاستخلاف التي عرفتها البشرية، فالاستخلاف في الأرض عنوان التعمير ونشر الأمن والاستقرار، وجلب المنافع والمصالح، أما تخريب العمران والاستقرار، والتحرش بالناس والتعطش لدماء الأبرياء، فهي عين جلب المفاسد، ونقض العهود، وتعطيل المصالح، مما لا يستقيم إلا مع توجهات قطاع الطرق والكافرين بالنعمة، والحاقدين على الدين والدنيا. الشباب والفتية المغرر بهم في هذا المخطط الخارجي الرهيب الذين ألقي بهم إلى التهلكة والمغامرة الخبيثة تحت شعارات خرافية مغرية تدغدغ مشاعرهم الدينية، وتستغل سذاجتهم وعنفوان سنهم لتوزع عليهم أوسمة السيادة والاستخلاف والأسود، واستهداف أرض شريفة بكل حمولتها الرمزية والتاريخية والحضارية كأرض للسلام والوئام والأمن والأمان، كان بإمكانهم بفعل التخدير وبالنظر إلى حجم الإغراءات والوعود الدنيوية والأخروية والمال والسلاح الذي دفع إليهم، واستثارة مشاعر البطولة والقيادة لديهم التي بايعوا على أساسها أمراء الدم في منطقة الساحل، أن يرهنوا بلدهم وعائلاتهم ومواطنيهم في دوامة من العنف والاضطراب وحمامات الدم، لولا أن ثمة أسودا بالفعل يقظة ساهرة تتحسس كل صغيرة وكبيرة في الطريق إلى عرينها وخلافتها ومغربها الأقصى، بما في ذلك حركة هذه الجرذان التي حملتها الخرافة والوهم إلى شعب المدن ومجاريها لتملأ الأرض رعبا، فما كادت تسلك إلى الهدف حتى امتلأت منها المصائد والفخاخ المنصوبة في طريقها، لتحصدها في انتظار انكشاف البقية المتشردة والمنفردة والمنتظرة في الظلام بصيصا من أمل في تنفيذ ما عجزت عنه الدفعة، بل الدفعات من هذه القوارض المجندة على حدودنا الشرقية لاقتحام العرين ودخول الأقصى. هنا مغرب الأسود اليقظة والمرابطة على ثغور كل الأرض المغربية وكل مدينة وحي، تحسبا لكل هؤلاء المتربصين الذين يئسوا أن يحتلوا هذا البلد، وأن يسقطوه ويمزقوا وحدته الترابية أو يواجهوه في ساحة معركة الشرف العسكري المكشوفة، فاختاروا طريق التسلل إلى وحدة صفه باستقطاب شباب غر من ذوي الحاجات الاجتماعية أو الأزمات النفسية واستغلال انكساراتهم وجعلها حطبا لإحراقهم، وتوجيهها ضد وطنهم وأهلهم وذويهم في مغامرة تصب في مصلحة أصحاب الأجندات الخارجية الذين وظفوهم واستغلوا غباءهم وحداثة سنهم وعنفوان شبابهم. الذين لهم مصلحة في تكثيف استهداف المغرب بهذه الأعمال الإرهابية الموجهة، والتي يتم كل مرة إحباطها وتفكيك خيوطها وشفراتها، يكادون يزيلون الستارة عنهم، ومنهم من يتولى صباح مساء التحريض على بلادنا في إعلامه وفي تحركاته وتصرفاته العدوانية التي تخفي تهديدا بالانتقام من نجاحات وانتصارات بلادنا وسطوع نجمها بين الأمم، وتمنيا لها أن تهزم في ما تعتزم النهوض به من مشاريع وأوراش تنموية كبرى تربط المغرب بعمقه الإفريقي وبشريط دول الساحل خاصة، التي تنشط فيها هذه التنظيمات الإرهابية التي بدأت في استهداف المغرب حتى لا تجرفها هذه المشاريع والأوراش. إن التتابع السريع لمسلسل إفشال المخططات الإرهابية الخطيرة، والتعطيل الدائم للقنابل الموقوتة المجلوبة إلى فئران المغارات والخرافات لتفجيرها، يكشف عن نجاح باهر لمخططاتنا الأمنية الاستباقية والاحترافية، ويحملها مسؤولية جليلة وعظيمة في تعقب خيطين أساسيين هما مساران لقطع أوصال الخلايا وبقايا المجموعات الإرهابية النائمة والمنتظرة بيننا ساعة الفصل والأمر من الخارج؛ الخيط الأول هو مسار الإمدادات من الخارج بالسلاح والعتاد، وإيديولوجيا التحريض على الكراهية والعنف، والخيط الثاني هو مسار الامتدادات الداخلية لهذه الخلية في خلايا أو مجموعات أخرى كامنة ومتربصة، بالنظر إلى ما تم الكشف عنه من انتشار وتشتت كبير للمجموعة المسخرة لتنفيذ عمليات إرهابية في مختلف مدن المملكة، لإحداث الصدمة في كل الجسد المغربي من رأسه إلى قدمه. وجدير بالذكر أن المقاربة الأمنية الناجعة في مكافحة وتعقب الظاهرة الإرهابية في كل تشعباتها وارتباطاتها بأجندات خارجية وبحروب إقليمية ودولية بالوكالة، ليست وحدها المعتمدة في الاستراتيجية المغربية لمكافحة الإرهاب والتطرف، بل تدعمها بقوة وبدرجة عالية المقاربتان التنموية والثقافية اللتان من شأنهما التعبئة الجماعية للانخراط في أعمال بناء وابتكار للحلول، ونشر للأمن الاجتماعي والاقتصادي والروحي، ودعم لقيم التسامح والتعاون والتعايش، ونزع الفتائل التي تستغلها رؤوس وقيادات الإرهاب الدولي للانقضاض على الدول والشعوب والعبث بأمنها واستقرارها.