تكرر في أكثر من تجمع خطابي لدعم الحملة الانتخابية الرئاسية لنظام العصابة الحاكم في الجزائر، خطاب الوعيد والتخويف من عدم انتخاب العصابة لحكم البلاد لسنوات مقبلة، بسبب من افتراض تهديدات خارجية كبرى تمس بأمن الوطن والمواطنين، ومن ثمة فإن ضمان هذا الأمن والاستقرار والحريات والحقوق رهين باستمرار مرابطة العصابة على الثغور، ومواصلة الالتفاف على تبونها وشنقريحتها لاستكمال معركة الصمود في جبهة المقاومة، والتصدي لعدو غادر يتربص الدوائر بالجزائر، بما في ذلك التربص بكراسي العصابة ومواقع قياداتها وأزلامها، وهي الكراسي المعروضة على انتخابات صورية، غرضها إضفاء شرعية ديموقراطية مزعومة على نظام كاد حراك الشعب الجزائري أن يسقطه، قبل أن يسترجع أنفاسه من جديد بذريعة الحفاظ على أمن الوطن المستباح من قوى خارجية. فقبل يومين نقل المدعو بن قرينة قائد وداعم حملة تبون الانتخابية، وأحد كراكيز وبهلوانات المشهد السياسي والحزبي في الجزائر، خطابه الدعائي من الترغيب في تبون وكيل المديح لمنجزاته، واستعراض برامجه التنموية المستقبلية غير المقنعة، في ترقية الجزائر من ثالث أكبر دولة اقتصادية في العالم إلى ثانيها أو أولاها؟؟ إلى الترهيب والتهديد للمواطنين وللهيئة الناخبة في حالة عدم التصويت للمرشح الرئاسي لنظام العصابة ومنحه عهدة ثانية، ليس لتحقيق التنمية المفقودة، وإنما لمواجهة الخطر الخارجي الذي يهدد أمن البلاد والعباد أولا وقبل كل شيء. فقد انفجر هذا البهلوان في وجه أحد المواطنين في تجمع خطابي حينما ذكره هذا المواطن بمطالب الشعب في توفير المواد الأساسية والحيوية والنادرة، التي يشغل البحث عنها معظم وقت وحديث الجزائريين، فأجابه بهلوان الحملة الانتخابية للعصابة بكل عصبية وتنكر للوعود، بأن ما يتكلم عنه المواطن من مطالب توفير الماء والكهرباء، ليس موضوعا مهما في هذه الحملة الانتخابية، ولا في برنامج الرئاسة، لأن هناك ما هو أهم وأكبر وأخطر وهو مواجهة "العدو الخارجي المتربص بأمن الوطن"، فقد قال الرجل بهلوان حملة تبون، بالحرف: "أنا نقول ليك الأعداء متربصين بأمن الوطن، وأنت تتكلم لي على الماء والتريسينتي"، في استهانة وضيعة واحتقار غبي للمطالب الشعبية المؤجلة بسبب حرب مع عدو وهمي لا يجد له الجزائريون أثرا في حياتهم، بالقدر الذي يجدون فيه أيدي العصابة تمتد إلى أقواتهم وأرزاقهم وحرياتهم وحقوقهم. لم يكن هذا البهلوان وحده من كشف عن برنامج التهديد والترهيب والتخويف في الحملة الانتخابية للعصابة، وإنما تناقلت وسائل الإعلام تصريحات لخطباء وأبواق دعائية في تجمعات جماهيرية، أعلى صوتا وأكثر عصبية وصراخا وعويلا، تسير على نفس المنوال في التخويف من خطر خارجي على الحدود، ومن مؤامرة لتفكيك الجزائر واستهداف أمنها ووحدتها، فقد صنعت العصابة أكثر من عدو بالجوار وفي أبعد نقطة من العالم، واختلقت في هذه الظرفية الانتخابية أكثر من واقعة مفبركة للعثور على أسلحة "مرعبة" قادمة من فرنسا لتنفيذ عمليات إرهابية في الجزائر، واستهداف أمن المواطنين، ولضبط شبكات تجسسية مكونة من "خونة" جزائريين ورعايا من دولة "العدو المغربي"، هدفها التخابر والمساس بأمن البلاد والعباد، ومع تصاعد الحملة الانتخابية الدعائية للعصابة ومرشحها لرئاسة الجزائر، تتصاعد وقائع الترهيب والتخويف من الإحجام عن المشاركة في التصويت لفائدة هذا المرشح المعين الذي وضعت كل أجهزة الدولة ومؤسساتها وبنياتها وإعلامها في خدمته، بحجة التصدي للخطر الخارجي الداهم الذي يستوجب الالتفاف حول الصامدين على كراسيهم، المؤجلين لحلم التنمية إلى حين سحق العدو الخارجي الذي لم يعد فقط هو دولة الجوار المغربية، التي ملت أسماع الجزائريين إقحامها في كل أزماتهم الداخلية بدءا من فشل العصابة في تدبير أبسط الشؤون الرياضية والترفيهية، إلى الفشل في تدبير ندرة المواد الغذائية والحيوية، فالعدو الخارجي في عرف هذه العصابة صار بعدد دول الجوار ودول أخرى شريكة وصديقة حولتها العصابة إلى عدو مفترض يتربص الدوائر بالجزائر والجزائريين. إن دولة محترمة تثق حقيقة في قدراتها الأمنية والعسكرية وقوتها التي تصفها بالضاربة والقاهرة، لا تتباكى بكل هذه الصبيانية والبهلوانية على الأمن المهدد والعدو المرعب والبعبع المخيف، استجداء لدعم الشعب وتعبئته لخوض حرب مزعومة لا يعرف مبررها ولا قرارها، ولا العدو الهلامي والمتحول الذي يستهدف الجزائر، فتارة هو المغرب وتارة هو ليبيا وتارة أخرى هو مالي وتارة هو الإمارات العربية المتحدة، وتارة هو كل هذه الدول زائد من يختبئ وراءها من صهيونية وإمبريالية واستعمار فرنسي وإسباني… فالقوة الضاربة الحقيقية لا تتباكى ولا تكثر الالتفات ذات اليمين وذات الشمال بكل هذا الخوف والتخويف والعويل والصراخ والإشارة بالأصابع في كل الأزمات الداخلية الناتجة عن سوء التسيير وفساد الرأي والتدبير، إلى شماعة العدو الخارجي، وجعلها برنامجا انتخابيا لإرعاب المواطنين وضمان ولائهم لنظام فاسد وكاسد ولا أخلاقي هو العدو الفعلي لمصالح الشعب الجزائري، بجره دولة من حجم الجزائر ومن مكانتها الاعتبارية القارية والدولية، إلى أتون الحرب على عدو مصنوع على مقاس العصابة، وإلى استعداء العالم عليها بفعل التهور والعربدة في الساحة السياسية والديبلوماسية الدولية. سيظل حلم التغيير نحو الأفضل ونحو السلام والطمأنينة والأمان والرخاء والعيش الكريم للجزائر والجزائريين مؤجلا إلى حين انتهاء العصابة الحاكمة في البلد الجار من كل عنترياتها واستعراضاتها لعضلاتها الورقية المنفوخة، وأوداجها المنتفشة التي تدغدغ بها مشاعر الشعب الجزائري الطامح لرؤية بلده في مصاف الدول القوية المحترمة والناهضة بشؤون التنمية والتقدم والرفاه. سيظل هذا الحلم مؤجلا ما دامت العصابة تزيف وعي هذا الشعب وتحوله عن وجهته الحقيقية إلى اختلاق عداوات وإشعال النيران والفتن في المحيط الإقليمي للدولة، ظانة بذلك أن حبل الاستغباء والكذب والاختلاق وصناعة عدو تنصرف إليه الأنظار، حبل طويل سيمد للعصابة طوق الإنقاذ لعقود أخرى من الزمن المهدور للعمل والبناء والنماء. والحال أن ما أوصلت العصابة إليه هذا البلد من إنهاك وتفكيك وبؤس في التدبير والتفكير والحكم والحكامة، لم يعد بإمكانه أن يظل رهين انتظار انتصار مزعوم على عدو متربص، تشير أصابع العصابة إليه على حدودها الغربية، ويشير الواقع والتاريخ والحقيقة وأصابع أحرار الجزائر إليه في صفوف العصابة نفسها.