يعتبر مشروع قانون المالية لسنة 2025 خطوة مهمة في مسار تنفيذ البرنامج الحكومي 2021-2026، حيث يسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الطموحة مثل رفع معدلات النمو الاقتصادي ومع ذلك، يتوقع الخبراء أن تواجه هذه التطلعات تحديات كبيرة على أرض الواقع، نظرا لعدة لعوامل سيفسرها لنا المحلل الاقتصادي محمد جذري من خلال المقال الآتي. أكد محمد جدري، المحلل الاقتصادي، أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 يأتي ضمن مسار تنفيذ البرنامج الحكومي 2021-2026، الذي يركز على التزامات أساسية. ومع ذلك، يرى جدري أن التوقعات التي يقدمها مشروع القانون طموحة إلا أن تحويل هذه التطلعات إلى واقع ملموس سيواجه العديد من التحديات. وأوضح جدري أن الحديث عن نسبة نمو اقتصادي تصل إلى 4.6بالمئة يعتبر متفائلا جدا مقارنة بمعدلات النمو في السنوات الأخيرة، ففي عام 2022 لم يتجاوز النمو 1.5بالمئة، بينما وصل في عام 2023 إلى 3.4 بالمئة، أما التوقعات لسنة 2024 فلا تتعدى 2.9 بالمئة كحد أقصى وهذا يعني أن الوصول إلى نسبة 4.6 بالمئة في 2025 يتطلب جهودا كبيرة وعوامل غير مضمونة النتائج. وأكد المتحدث ذاته، أن القطاع الفلاحي يلعب دورا محوريا في تحقيق النمو الاقتصادي، إذ يشكل مصدرا رئيسيا للقيمة المضافة، إلا أن الإنتاج الفلاحي يعتمد بشكل كبير على الظروف المناخية ووفرة الأمطار كما يحتاج موسم فلاحي جيد إلى إنتاج حوالي 70 مليون قنطار من الحبوب، وهو أمر يصعب التحكم فيه بالإضافة إلى ذلك، يتعين على المغرب الحفاظ على استقرار تكلفة الإنتاج وسعر برميل النفط عند حدود 80 دولارا، وهي عوامل خارجية يصعب السيطرة عليها مما يجعل تحقيق نسبة النمو المستهدفة تحديا كبيرا. وفيما يخص التضخم، أشار جدري إلى أن النسبة الحالية تتراوح بين 1 بالمئة و2 بالمئة، وقد تستقر عند حدود 2 بالمئة في السنة المقبلة، غير أن هذه التوقعات قد تتأثر بحالات الجفاف المحتملة أو بإرتفاع أسعار الطاقة، مما يحد من قدرة الحكومة على ضبط معدل التضخم. وفيما يتعلق بعجز الميزانية، أوضح أن الحكومة نجحت في تقليصه إلى 4 بالمئة، مع خطة لخفضه إلى 3 بالمئة في السنة المقبلة، وذلك بفضل تحسين عملية تحصيل الضرائب وإصلاح النظام الجبائي، بما في ذلك الضرائب على الشركات والقيمة المضافة والدخل. وبالنسبة للإصلاحات الضريبية، أشار جدري إلى أن الحكومة تسعى لدعم الطبقة المتوسطة من خلال تخفيضات قد تصل إلى 400 درهم شهريا. إلا أن هذا الدعم يعتبر محدودا مقارنة بالزيادات في الأجور التي استفاد منها العاملون في القطاع العام والتي بلغت 1500 درهم ، في المقابل يعاني العاملون في القطاع الخاص من انخفاض قدرتهم الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار، ما يجعل هذا الدعم غير كاف لتغطية احتياجاتهم المتزايدة. وعلى مستوى الاستثمار العمومي، أشاد جدري بالجهود المبذولة لزيادة حجم الاستثمارات إلى 340 مليار درهم، لكن فعالية هذه الاستثمارات تظل ضعيفة مقارنة بالمؤشرات العالمية، ويرى أن المغرب يحتاج إلى تحسين فعالية الإنفاق وتعزيز آليات الحكومة ومحاربة الفساد الذي يكبد البلاد خسائر كبيرة تصل إلى 50 مليار درهم سنويا. وتطرق جدري إلى مشروع الحماية الاجتماعية الذي تتبناه الحكومة، والذي يشمل تعميم التأمين الإجباري عن المرض وتقديم التعويضات العائلية وتوسيع معاش الشيخوخة ومنح فقدان الشغل. ومع ذلك، هناك تحديات في تمويل هذا المشروع، حيث تصل تكلفته إلى 51 مليار درهم، ستساهم الحكومة ب 25 مليار درهم منها، فيما سيتم تمويل الباقي من خلال اشتراكات المواطنين. ومع ذلك، يتزايد العزوف من شريحة واسعة من العاملين في المهن الحرة وغير الأجراء الذين يرون أن التأمين الصحي الإجباري ليس أولوية مما يضع استدامة المشروع على المحك. كما شدد جدري على أهمية الإسراع في تنفيذ إصلاحات هيكلية تتعلق بقانون الإضراب، ومدونة الشغل، وإصلاح أنظمة التقاعد، حيث يؤدي التأخير في هذه الملفات إلى خسائر مالية كبيرة، كما أشار إلى غياب التركيز على محاربة الريع والفساد والوسطاء المحتكرين في مشروع قانون المالية على الرغم من تأثيرهم السلبي على الاقتصاد الوطني. في الختام، يرى جدري أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 يتضمن أهدافا طموحة ويحتوي على نقاط إيجابية عديدة، لكنه يواجه تحديات كبيرة على مستوى التنفيذ الفعلي في السنة المقبلة لتحقيق هذه الأهداف ستكون هناك حاجة إلى جهود حثيثة واستراتيجيات فعالة لضمان نجاح السياسات الاقتصادية المرتقبة