دعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، إلى إقامة تحالف عالمي يجمع كل القوى الحية الملتزمة بالسلام والمؤمنة بقيم التسامح والتعايش، من أجل إنقاذ مدينة السلام، والحفاظ على موروثها الحضاري والإنساني المشترك. وأبرز صاحب الجلالة، في رسالة وجهها اليوم الأحد إلى المشاركين في المؤتمر رفيع المستوى لدعم مدينة القدس، الذي تنظمه جامعة الدول العربية بالقاهرة، أنه "انسجاما مع النداء الذي أطلقناه بالرباط سنة 2009، بمناسبة المؤتمر الدولي حول القدس، نجدد الدعوة إلى إقامة تحالف عالمي يجمع كل القوى الحية، الملتزمة بالسلام، والمؤمنة بقيم التسامح والتعايش، لإنقاذ مدينة السلام، والحفاظ على موروثها الحضاري والإنساني المشترك". وبعدما أكد جلالة الملك، في هذه الرسالة التي تلاها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن مدينة القدس تحظى بمكانة متميزة في وجدان الشعوب العربية والإسلامية، شدد جلالته على أن الدفاع عنها "لا يجب أن يكون عملا ظرفيا أو مناسباتيا، وإنما ينبغي أن يشمل التحركات الدبلوماسية المؤثرة، والأعمال الميدانية الملموسة، داخل المدينة المقدسة". وأضاف صاحب الجلالة أن "العمل الميداني الملموس، الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف، وهي الذراع الميدانية للجنة القدس، التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، منذ أزيد من 25 سنة، تحت إشرافنا الشخصي، يهدف إلى دعم المدينة المقدسة، والحفاظ على طابعها الحضاري" مشيرا جلالته إلى أن هذا العمل يتم "من خلال تنفيذ مشاريع اجتماعية وتنموية تهم جميع فئات المجتمع المقدسي". وأوضح جلالة الملك أن الوكالة استطاعت تنفيذ ما يزيد عن 200 مشروعا، بكلفة تقدر بحوالي 65 مليون دولار، بتمويل مغربي مائة في المائة، من ميزانيتها في صنف تبرعات الدول، وحوالي 70 في المائة، في صنف تبرعات المؤسسات والأفراد. وفي هذا الإطار، شدد صاحب الجلالة على ضرورة تضافر الجهود العربية والإسلامية، من أجل الانخراط في مسار حماية ودعم مدينة القدس الشريف. كما جدد جلالة الملك، بهذه المناسبة، التأكيد على التزام المملكة الثابت، بدعم القضية الفلسطينية بشكل عام، والقدس بشكل خاص. وأكد صاحب الجلالة أنه يولي أهمية قصوى للمدينة المقدسة، وذلك "من منطلق الأمانة التي نتقلدها، بصفتنا رئيسا للجنة القدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، حيث جعلناها في مستوى مكانة قضيتنا الوطنية الأولى، وأحد ثوابت سياستنا الخارجية، كما أكدنا على ذلك في مناسبات مختلفة". وأشار جلالة الملك إلى أن المغرب، من منطلق التزامه الراسخ، يظل مقتنعا بأن القضية الفلسطينية، هي "قضية سياسية جوهرية، وهي مفتاح الحل الدائم والشامل من أجل إرساء السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط"، مبرزا جلالته أنه يتعين على هذا الأساس، إيجاد تسوية عادلة لها في إطار الشرعية الدولية، ووفق مبدأ حل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي. ودعا جلالة الملك، في هذا الصدد، إلى الدفع في اتجاه تحقيق انفراج سياسي، من شأنه أن يفتح آفاقا للتفاؤل بمستقبل يسوده السلم والأمن والازدهار بالمنطقة، من خلال احترام مبادئ العيش المشترك، واعتبار الاختلاف، سواء الثقافي أو الديني أو المذهبي، رصيدا وغنى ثقافيا ومجتمعيا مشتركا، يجمع ولا يفرق.