يعرف داء السل وتحديدا السل اللمفاوي ارتفاع ملحوظا في المغرب، و ترجع الجهات الصحية المسؤولة هذا الارتفاع إلى تواجد الجرثومة المسببة لهذا الداء في الحليب. و في الوقت الذّي ينبغي فيه أن يستنفر هذا الوضع الجهات المسؤولة، فإنّ الدواء المخصص لعلاجه يعرف انقطاعا متكررا بين الفينة والأخرى. لتسليط الضوء أكثر على خصائص هذا النوع من السل، تحاورت رسالة 24″ مع البروفيسور جمال الدين البوزيدي أخصائي في الأمراض الصدرية والحساسية والمناعية، و رئيس العصبة المغربية لداء السل. ماهي أسباب ارتفاع داء السل واللمفاوي تحديدا بالمغرب؟ السل من الأمراض التي لازال منتشرا في العالم وفي المغرب بشكل مرتفع ومقلق، كان لدي شرف حضور قمة الأممالمتحدة سنة 2018 تحت شعار محاربة والقضاء على السل، إن داء السل عموما دائم التواجد بالمغرب، ونسبته في ارتفاع ملحوظ ولم تشهد انخفاضا إلا بدرجة ضئيلة جدا. و هكذا، و مع التوجه المعتمد اليوم، لا يمكن تحقيق أهداف الألفية الثالثة و المتمثلة في القضاء على هذا المرض في أفق 2030 ونهائيا في أفق 2050. ما مدى خطورة داء السل؟ لابد أن أشير إلى أن المغرب عرف تراجعا كبيرا في مواجهة هذا المرض وخطوته تكمن في أن 45 في المائة تصيب كل أنحاء الجسم بدون استثناء، الجلد، العظام، الجهاز الهضمي، والبولي وحتى التناسلي، العينينن ، العمود الفقري، غشاء القلب، غلاف المخ… أما 55 في المائة من الإصابات، فتهمّ الرئتين. لهذا، فإن الشخيص المبكر يلعب دورا مهما في حماية المريض من المضاعفات الخطيرة لهذا المرض، و التي يمكن أن تفتك بصاحبها إذا ما تم اكتشافه في المراحل المتقدمة. ما القاسم المشترك لأعراض جميع أنواع مرض السل؟ تعتبر أعراض جميع أنواع داء السل التي يمكن أن تصيب الإنسان متشابهة، وهي:ارتفاع طفيف في درجات الحرارة، مصحوبة بارتعاش، التعرق، العياء، فقدان الوزن، فقدان الشهية، في حالة سل الرئوي يكون الشخص المصاب يعاني من سعال تتجاوز مدته 15 يوما وبلغم متغير اللون أخضر أو أصفر يميل إلى لون الحليب الذي يدل على وجود تعفن، ويمكن أن يظل المرض صامتا بدون أعراض. ماهي خصوصيات السل اللمفاوي تحديدا؟ يصيب السل اللمفاوي الأشخاص وخاصة الأطفال والذين يتمتعون بمناعة قوية، فظهور تضخم في العقد اللمفاوية يعد بمثابة تحذير من الجسم على وجود المرض في مراحله الأولى، والطبيب الذكي هو من يستطيع تشخيص علة هذه العقد اللمفاوية التي يمكن أن تظهر على مستوى العنق أو تحت الإبطين، و التي تتطلّب الاستئصال والإخضاع للتحاليل اللازمة لتشخيص ما إذا كان الالتهاب يتعلّق بمرض السل أو أي مرض تعفني أو التهابي أو سرطاني آخر. كيف يمكن الحد من داء السل بالمغرب؟ يصنّف المغرب في المراتب المتأخرة حسب تصنيف الأممالمتحدة للتنمية البشرية ، و من بين أهم المؤشرات التي تدخل في الحسبان في هذا التصنيف هي نسبة الإصابة بداء السل، لأن هذا الأخير مؤشر للفقر والهشاشة والمعاناة. وبالمناسبة، فإن أكبر نسبة لداء السل بالمغرب تتمركز في ست جهات وتحديدا في المناطق المحيطة بالمدن الكبرى التي تفتقر لظروف العيش والسكن المناسبة. و تتربع مدينة طنجة على عرش النسبة المئوية لداء السل ومن حيث النسبة العددية مدينة الدارالبيضاء ثم فاس وسلا ومراكش وأكادير. و في حالة تمت مواجهته بالإمكانيات الفعالة، سننجح لا محالة في استئصاله. يعرف الدواء المخصص لعلاج داء السل انقطاعا من الحين إلى الأخر، الأمر الذي يشكل خطرا على حياة المصاب و" رسالة 24 "حاولت التواصل مع وزارة الصحة للكشف عن أسباب هذا الانقطاع لكن ما من مجيب. إلى أي حد ممكن أن يشكل هذا الأمر خطرا على صحة المريض؟. إن تخلف المريض أو إهماله تناول الدواء في حينه بشكل يومي قد يشكل مناعة مضادة للمرض فما بالكم بعدم توفر مضادات داء السل، فهذا الأمر يعد جريمة في حق المصاب. فما دمنا في دولة الحق والقانون، فإن المسؤولين الأوصياء على قطاع الصحة عليهم أن يبذلوا قصارى جهدهم لتوفير الدواء للمواطن المغربي المصاب. وأشير إلى نقطة مهمة أنه في عهد محمد الخامس تم تخصيص مجموعة من المؤسسات العمومية لاحتواء مرضى داء السل، واليوم تم إغلاقها و الاستغناء عنها، في حين أنه يوجد العديد من الأشخاص مصابين بداء السل المقاوم للأدوية، و الذي يحتاج إلى مراقبة ومواكبة داخل المستشفى. وفي هذا السياق، من الضروري أن أشير إلى أن هناك ظهير شريف للمغفور له محمد الخامس يعفي مرضى السل من كل الرسوم. لكن، هؤلاء المرضى يطلب منهم الأداء في المستشفيات الجامعية بدعوى أنه لم يتم تشخيص المرض في البداية على أنه داء سل ليتم الاستدارك بعد الاستخلاص الفعلي للرسوم. بروفيسور، هل يمكن أن يصاب الشخص من جديد بداء السل بعد شفائه من المرض؟ كما أسلفت الذكر أن السل اللمفاوي من أحسن أنواع السل المتبقية، لأنه إشارة على أن المرض في بدايته الأولى ولم يستهدف بعد بقية أعضاء الجسم، ومسألة معاودة المرض هي مسألة واردة في كل الحالات، ومتوقفة على خصوصية كل حالة على حدة، وفي حالة السل اللمفاوي تكون نسبة العود ضئيلة.