عرفت الفترة الممتدة خلال شهري يونيو ويوليوز الجاري زيارة 3،2 مليون سائح لبلدنا المغرب، و هو رقم يبعث على القول بانتعاشة القطاع السياحي المغربي في ظرف شهرين من الزمن بعد فترة ركود بسبب الجائحة. "رسالة" 24 تتوسع في هذا الموضوع و تستنطق هذه الأرقام مع "الزوبير بوحوث" الباحث في المجال السياحي. يقول بوحوث إن استقبال المغرب لأزيد من ثلاث مليون زائر مابين شهري يونيو ويوليوز 2022؛ دليل على انتعاش في القطاع السياحي و كذا القطاعات الاقتصادية الأخرى، إلا أن ثلتي هذا الرقم يهم مغاربة المهجر، و هؤلاء، في نظره، لا يشكلون وقعا كبيرا و قيمة مضافة مباشرة على القطاع السياحي بنفس الكيفية مقارنة مع السياح الأجانب، و السبب في ذلك أن جل مغاربة المهجر يستقرون بمنازلهم أو لدى أقرباء لهم فلا يستفيد القطاع السياحي بوحداته الفندقية المختلفة، و ما يوفره من مطاعم و فضاءات للترفيه بشكل كبير من مغاربة المهجر. ويرى بوحوت أن هذا الرقم المقدم خلال الأشهر الثلاثة ماي، يونيو، ويوليوز هو رقم تراكمي ينبغي مقارنته مع نظيره في سنة 2019 من نفس المدة. لكن، إذا تمحصنا جيدا الأرقام، وقمنا بعملية المقارنة مع نفس الفترة من سنة 2019- ما دام الموسمان 2020 و 2021 عرفا ضمورا بسبب الجائحة- فسنلمس تراجعا وميول الكفة إلى الجانب السالب، موضحا أنه في ماي 2022 المغرب استقطب 800 ألف زائر يشمل الأجانب ومغاربة العالم وهذا الرقم كان يتجاوز الرقم المسجل في نفس الشهر من سنة2019، إلا أنه في شهر يونيو 2022المغرب استقطب مليون و 140 ألف سائح في مقابل نفس الشهر من سنة 2019، و الذي استقطب فيه المغرب مليون و 92 ألف إي بزيادة بنسبة 5 في المائة. وقدم بوحوت معطى أوليا يتمثل في أن نسبة النمو تراجعت، ففي شهر ماي 2022 حققت نسبة النمو زائد 11 في المائة في حين هذه النسبة تراجعت الى زائد 5% فقط شهر يونيو 2022 ، لتستقر في ناقص 4 شهر يوليوز 2022 مقارنة مع نفس الأشهر من سنة 2019، أما المعطى الثاني فهو أن نسبة الزيادة لهذه السنة يرجع الفضل فيها إلى مغاربة المهجر باعتبار ولوجهم إلى أرض الوطن خلال هذه الأشهر الثلاث ففي شهر يونيو، استقطب المغرب 620 ألف من مغاربة المهجر بزيادة 27 في المئة مقارنة مع نفس الرقم لشهر يونيو من سنة 2019 و الذي لم بستقطب سوى 492 ألف. في حين نجد أن الفئة التي يشكل تواجدها فرقا و تأثيرا إيجابيا على قطاع السياحة و هم السياح الأجانب تراجع عددهم في نفس الشهر مابين السنتين… ففي 2019 زار المغرب 600 ألف سائح أجنبي. لكن، في 2022 دخل المغرب 520 ألف أي بناقص 13 في المائة وحينما نقول 13 في المائة مقارنة بسنة 2019 و هذا ما يسجل تراجعا في الاستهلاك والنشاط الصرف للقطاع السياحي. أما بالنسبة لشهر يوليوز، فنجد أن المغرب استقبل 2 مليون و60 ألف سائح مابين مغاربة المهجر وسياح الأجانب بالمقارنة مع 2 المليون 144 ألف في 2019 أي أن شهر يوليوز حقق تراجعا 4 في المائة من مجموع الرقم الإجمالي. ويتابع بوحوث قائلا: حينما ندقق قليلا نجد أن رقم مغاربة المهجر ظل نفسه تقريبا بتراجع بنسبة 1 في المائة فقط، من مليون و11 ألف إلى مليون و400 في المقابل نلمس تراجعا كبير لدى عدد السياح الأجانب من 734 ألف سائح في يوليوز 2019 إلى 660 ألف في يوليوز 2022 أي بنسبة نقص تناهز 10 في المائة. إذن، من خلال هذه المقارنات نستخلص أن هناك تراجعا في المنتوج السياحي و الذي سيظهر أكثر من خلال عدد ليالي المبيت لشهر يوليوز. فبعد القيام بعملية حسابية، حددت هذه الليالي في 2 المليون و140 ألف ليلة سياحية وعند مقارنتها ب 2 المليون و500 و5ألف في يوليوز 2019، نستشف تراجعا ب15 في المائة وبهذا الرقم التراكمي لشهري يونيو ويوليوز نجد أن عدد السياح الأجانب تراجع إلى مليون و180 ألف في سنة 2022 في الوقت الذي كان العدد في سنة 2019 يتجاوز مليون 334 ألف أي تراجع بنسة 12 في المائة. على العموم فالسبعة الأشهر الأولى من سنة 2022 المغرب استقطب 5 مليون و456 ألف زائر والنسبة الكبيرة تعود لمغاربة المهجر. ولكن، حين مقارنتها ب2019 نجد أن نسبة الاسترجاع هي 72 في المائة فقط أي ناقص 28 في المائة مقارنة ب 2019، موضحا أن العجز سيظهر جليا من خلال عدد ليال المبيت والتي سجلت في سبعة الأشهر الأولى من سنة 2022 بالكاد 8 مليون 367 ألف ليلة أي ناقص 41 في المائة مقارنة مع عدد ليال المبيت المسجلة في سنة 2019. وعليه فإن شهر ماي سجل زيادة بنسبة11 في المائة في حين نسبة النمو في شهر يونيو تراجعت إلى زائد 5 في المائة لتصبح نسبة النمو سالبة في شهر يوليوز ناقص 4 في المائة، وفي هذا السياق يتخوف المتحدث من استمرار هذا المنحى التقهقري مع شهر غشت. وأكد بوحوت أنه سبق التنبيه قبل شهرين من الآن إلى ضرورة رفع المغرب من حصص مقاعد الرحلات الدولية، وهذا التنبيه له ما يبرره، وهو تراجع عدد السياح الأجانب ب12 في المائة مقارنة مع 2019 خلال شهري يونيو ويوليوز. و في هذا السياق، يتطرق بوحوت إلى مشكل هيكلي يرتبط بمسألة العرض والطلب، إذ يحث على ضرورة بحث سبل حل مشاكل السياحة الداخلية. فهذه الأخيرة لازالت تعاني من قلة العروض المناسبة، و التي تتماشى مع العادات الاستهلاكية للزبون المغربي وقدرته الشرائية ما دام معدل دخل الزبون الأجنبي أكثر ب 6 إلى 7 أضعاف من معدل دخل السائح المغربي. و يعتبر باحثنا أن هذه المسألة مشكل هيكلي تصادف كل فصل الصيف من كل سنة و خاصة شهري ذروة النشاط السياحي و هما يوليوز وغشت و اللذان يتميزان بدخول مغاربة العالم والأجانب ، ناهيك عن العطلة الصيفية للموظفين، و هذا ما يجعل الطلب و الإقبال على الحجوزات في الفنادق كبيرا في المقابل العرض و عدد الأسرة والغرف المعروضة، الشيء الذي ينعكس على الأثمنة التي تعرف ارتفاعا مستمرا. و في الأخير، أكد بوحوت على ضرورة تظافر جهود الوزارة الوصية و الهيئات المهنية والخبراء لحل هذا المشكل الكبير و ذلك بوضع خطة ورؤية جديدة للنهوض بالسياحة في السنوات المقبلة من خلال حجم الاستثمارات التي يجب الاشتغال عليها من أجل تشييد محطات سياحية تتماشى و متطلبات السياحة الوطنية و تشجيع السياحة الداخلية بدعم السائح المحلي لكي يعدل عن فكرة السياحة خارج البلد، و بالتالي الاستفادة من غلاف مالي ناهز ال 11 مليار درهم، و التي أنفقها المغاربة في السياحة الخارجية.