عاد مجددا الجدل حول لقاح أسترازينيكا في أوروبا، بعد أن سجلت تقريبا 30 حالة من المضاعفات التي ظهرت لدى أشخاص تلقوا جرعة من اللقاح البريطاني. كما أن وكالة الدواء الدنماركية أعلنت مساء أمس الأحد وفاة امرأة في عقدها السادس، إثر تعرضها لجلطات دموية ظهرت بعد جرعة التطعيم. ووصفت الوكالة الدنماركية الأعراض ب"الغريبة جدا"، مضيفة أن عدد صفائح الدم في جسم السيدة المتوفاة كان منخفضا إثر إصابتها بجلطات في أوعية دموية صغيرة وكبيرة وإصابتها بنزيف، وفي هذا الصدد سيشرح لنا الطيب حمضي طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية سبب تأكيد السلطات الصحية العالمية والأوروبية بالاستمرار في التلقيح بلقاح "أسترازينيكا-أوكسفورد" أكد الطيب حمضي، أن منظمة الصحة العالمية والوكالة الأوروبية للدواء اللذان يتابعان المعطيات أولية حول استعمال لقاح أسترازينيكا نصحتا الدول بعدم تعليق استعمال هذا اللقاح بالموازاة مع الدراسات المعمقة حول الموضوع. مشيرا أن الدول التي اتخذت قرار التعليق ليس بسبب ثبوت علاقة محتملة بين التطعيم بلقاح أسترازينيكا، وبعض حالات تخثر الدم لدى الملقحين، ولكن من باب الاحتياط، وحسب الدراسة التي أقيمت حول الآثار الجانبية للقاح أسترازينيكا ليس هناك علاقة بمشاكل تخثر الدم. وحسب الإحصائيات التي نشرت يوم الأحد الماضي، كانت هناك 37 حالة مسجلة تعاني من مشاكل تخثر الدم لدى الأوروبيين الملقحين والبالغ عددهم وقتها 17 مليون شخص،وتقول الإحصائيات أن هذه النسبة من حالات تخثر الدم لدى الملقحين هي نفسها بل أقل من نسبة حدوث هذه الحالات داخل الساكنة العامة بدون تلقيح. في سياق ذاته أكد المتحدث ذاته أن الآثار الجانبية للأدوية أو اللقاحات تكون احصائيا أكثر بكثير لدى الدين تناولوا الأدوية أو اللقاحات مقارنة مع غيرهم، وحسب تجربة فرنسا تسجل سنويا 300 ألف حالة من مشاكل تخثر الدم، أي أزيد من 820 حالة تخثر دم يومية، أي نفس عدد الساكنة وفي نفس الفترة الزمنية يجب أن يكون عدد الحوادث بين الملقحين أكبر من غيرهم لربط الحوادث بلقاح أو دواء ما. يضيف المتحدث ذاته، أن معدل عدد حالات تخثر الدم المسجلة بين المطعمين بلقاح أسترازينيكا هو نفسه بين الملقحين باللقاحات الأخرى المعتمدة ضد كوفيد 19. حيث أن بريطانيا هي البلد الأوروبي الذي لقح أكبر عدد من مواطنيه بلقاح أسترازينيكا تقريبا 11 مليون مواطن، ويتوفر على نظام يقظة دوائية من بين أكثر الأنظمة تطورا وفعالية، ولحد الآن لم تسجل منظومة الرصد أي زيادة في خطر مشاكل تخثر الدم بين الملقحين مقارنة بباقي الساكنة. من جهة أخرى، صرح طيب حمضي، أن تعليق حملات التلقيح بدون دواعي طبية ملموسة سيحرم مئات الألف من الناس من التلقيح والحماية ضد كوفيد 19، واذا علمنا أن مجمل الدول لازالت في المراحل الأولى من التطعيم أي أنها لا زالت تستهدف الأشخاص المسنين ودوي الأمراض المزمنة، وهي الفئات الأكثر هشاشة وتعرضا للحالات الخطرة والوفيات بسبب كوفيد 19، فان تعليق التلقيح ولو لمدة محدودة ستنتج عنه وفيات بالمئات، وهي أكثر بكثير من ثلاث حالة وفاة بسبب علاقة مزعومة وغير مؤكدة بين اللقاح وحالات مشاكل تخثر الدم. وأخيرا يؤكد خبير النظم الصحية، أنه ينبغي أخد أي عارض جانبي مهما كان على محمل الجد، ودراسته والتعمق فيه حتى وإن كان لا يظهر أن له علاقة أكيدة باللقاح، فهذه من القواعد الأساسية لليقظة الدوائية، ويجب تتبع هذه المعطيات عن كثب ومتابعتها، لكن دون تسرع في اتخاذ قرارات ربما لها مردودية سياسية وإعلامية بالنسبة لصناع القرار ولكن ذات نتائج عكسية بالنسبة لصحة وحياة الناس.