كما كان متوقعا، انتخب البرلماني عبد اللطيف وهبي، مرشح تيار “المستقبل” لقيادة حزب الأصالة والمعاصرة، وذلك بعد انسحاب جل منافسيه، وفي مقدمتهم محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام الأسبق، وسمير بلفقيه، عضو المكتب السياسي للحزب. وتواصلت أمس أشغال المؤتمر الوطني الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة، المنعقد بمدينة الجديدة، أيام 7 و8 و9 فبراير الجاري، بالإعلان عن لائحة أعضاء المجلس الوطني، البالغ عددهم 511 عضوا، وكذا انتخاب رئيسه، حيث جدد غالبية أعضائه الثقة في فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة ل”برلمان البام” لولاية ثانية، تمتد لأربعة سنوات. وتحولت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني، أول أمس (الجمعة) إلى ما يشبه ساحة “حرب” بين “تيار الشرعية”، بزعامة حكيم بنشماش، الأمين العام المنهية ولايته، ومعارضيه في تيار “المستقبل” الذي يقوده عبد اللطيف وهبي، المرشح الأوفر حظا لقيادة “البام”. واندلع الصراع بين التيارين، بسبب منع “تيار بنشماش” لسمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية من تناول الكلمة خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال المؤتمر، المقرر اختتامه أمس (الأحد)، بعد أن اقتحموا منصة القاعة، مرددين في وجهه شعارات تطالب برحيله، قبل أن ينبري أنصاره من “تيار وهبي”، للدفاع عنه، ليصعدوا بدورهم إلى المنصة وهم يرفعون شعارات مناوئة لبنشماش، قبل أن يدخل الطرفان في مواجهات عنيفة، استخدمت فيها الكراسي والحواجز الحديدية. ووسط ذهول ضيوف المؤتمر، المنتمين لعدد من الأحزاب السياسية، الذين فضلوا مغادرة الجلسة، بعدما سادتها حالة من الفوضى والارتباك، تبادل أنصار التيارين اللكمات والاتهامات فيما بينهما، فيما تعالت صرخات النساء “الباميات”، ليتوقف المؤتمر، لأزيد من 4 ساعات، قبل أن ستأنف أشغاله بعد اجتماع مغلق، جمع كلا من بنشماش والمنصوري، وأحمد اخشيشن، والعربي لمحرشي، ومحمد الحموتي، وهو الاجتماع الذي أعاد الهدوء إلى المؤتمر، بعدما توافق قياديو “الجرار” على رئاسة مشتركة للمؤتمر الوطني الرابع للحزب، بين تياري “الشرعية” و”المستقبل”. ولم يستمر الهدوء سوى ساعات قليلة، إذ عادت حالة الفوضى لتعم المؤتمر خلال اليوم الثاني من الأشغال، والذي كان مخصصا لمناقشة الأوراق السياسية والقانونية المعروضة على أنظار المؤتمرين. حيث احتدمت الخلافات من جديد بين التيارين المتصارعين داخل الحزب، لتنتقل إلى “لجنة القوانين والأنظمة”ن التي تحولت إلى ما يشبه “حلبة ملاكمة”، استعملت فيها الركل والرفس والتشابك بالأيدي. وجاء ذلك في أعقاب رفض رئاسة اللجنة منح نقطة نظام لحسن التايقي، عضو المجلس الوطني، واحد أنصار بنشماش، وهو ما رد عليه الأول، باحتلال منصة اللجنة، مدعوما بعدد من أتباع “تيار الشرعية”، وهو ما أغضب أنصار “تيار المستقبل”، الذي احتجوا بشدة ضد تصرف التايقي، لتندلع المشادات بين التيارين. من جهة أخرى، فشل “تيار الشرعية”، في إدخال تعديل ينص على “انتخاب الأمين من المؤتمر، عوض المجلس الوطني”، وذلك في ظل تمسك التيار المحسوب على وهبي والمنصوري بالاحتفاظ بالمسطرة المعمول بها حاليا، أي أن يتم انتخاب الأمين العام من المجلس الوطني، والبالغ عدده 511 عضوا. وعلى الرغم من إعلان انسحابهم من سباق التنافس على كرسي الأمانة العامة، إلا أن أربعة مرشحين لهذا المنصب، أصدروا في ليلة اليوم نفسه (السبت)، بلاغا مشتركا، شديد اللهجة، ينتقدون فيه ما أسموه ب”الإنزالات” التي عرفها المؤتمر. البلاغ ذاته، والذي حمل توقيع محمد الشيخ بيد الله، وسمير بلفقيه، والمكي الزيزي، والتايب كفاية، وعبد السلام بوطيب، قال إن ّالمؤتمر يشهد في هذه اللحظات تطورات خطيرة متمثلة في إنزلات مكثفة ،عبر حافلات، لغرباء عن الحزب و المؤتمر قصد السطو عليه ومصادرة إرادة المؤتمرات والمؤتمرين.” وبعدما وصفوها ب”المشينة”، أورد أصحاب البلاغ، والذي اطلعت “رسالة الأمة” على نسخة منه، أن “هذه الممارسة بالإضافة إلى أنها تسيء لصورة الديمقراطية التي نسعى إلى توطيدها في بلادنا، فهي تضرب في الصميم العملية الديمقراطية الداخلية، و تمس بسلامة التباري و التنافس الديمقراطيين بين المترشحين لقيادة حزبنا”، معبرين عن استنكارهم لما اسموه “الممارسات الشاذة واللاديمقراطية.”