وجهت الشبكة المغربية لحماية المال العام رسالة مفتوحة إلى أعضاء مجلس المستشارين، تدعوهم فيها إلى التصويت على حذف المادة 8 من مشروع قانون المالية لسنة 2020، التي تنص على إحداث “مساهمة إبرائية متعلقة بالتسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج المملوكة، من طرف الأشخاص الذاتيين والاعتباريين المتوفرين على إقامة أو مقر اجتماعي أو موطن ضريبي بالمغرب والذين ارتكبوا مخالفات في ميدان الرقابة على الصرف”. وطالبت الشبكة في بلاغ لها، توصلت “رسالة 24″، بنسخة منه، فرق المعارضة البرلمانية التي صوتت ضد هذه المادة خلال مناقشة مشروع قانون المالية بمجلس النواب، بتوجيه رسالة في الموضوع إلى “المحكمة الدستورية لطلب رأيها الالزامي في الموضوع والدفع بعدم دستورية هذه المادة.” المنظمة الحقوقية ذاتها، شددت في بلاغها على ضرورة “تفعيل القوانين الجنائية ذات الصلة” في وجه مهربي الأموال، مع “تفعيل استراتيجية مكافحة الفساد وتقوية مؤسسة الحكامة، التي قالت عنها إنها “معطلة”. وأشار البلاغ إلى أن الشبكة “سبق وطالبت رئيس الحكومة السابق بضرورة التراجع عن هذا الإجراء الذي جاء به قانون المالية لسنة 2014” والذي يتيح “المصالحة الإبرائية للدولة مع الذين يتوفرون على أموال وعقارات بالخارج دون سند قانوني مع ضمان السرية وعدم المتابعة القضائية”، مذكرا أنها أكدت حينها أن “هذا الإجراء يعد خرقا للاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب سنة 2007 والتي تدعو الى استرداد الأموال المنهوبة المهربة والموجودات بالخارج باعتبارها ثروات وطنية للدول الأم وتطبيقا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب الذي يضمن تطبيق القانون ومساواة الجميع أمامه، وضربا للمبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.” وتابعت الشبكة أنها تفاجأت “مرة أخرى بتضمين الحكومة لنفس الإجراء”، في تحد وصفته ب”الصارخ للاتفاقية الدولية والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي أعلن عنها المغرب سنة 2015 والتي بدأت الخطوات الأولى لتنزيلها”. واعتبرت الهيئة الحقوقية أن إدراج مادة العفو والمصالحة مع مهربي الأموال خارج المغرب مرة أخرى، والتصويت عليها من جديد يعد تكريسا لمقولة “عفا الله عما سلف”، و”إخلالا واضحا بالتزامات المغرب الدولية ومؤشرا خطيرا على استمرار غياب الإرادة الحقيقية لمكافحة الفساد”. وزادت الشبكة منتقدة المادة المذكورة، أنها تعتبر “رسالة طمأنة لمشاريع ناهبي المال العام بكون الحكومة ستشرعن في يوم ما أموالهم المتأتية من جرائم الفساد والرشوة والتهرب الضريبي وسيفلتون من العقاب وتبيض اموالهم بشكل قانوني.” وأبدت المنظمة الحقوقية استغرابها من كون الحكومة تعمل من أجل سد العجز المالي الذي تواجهه الى “مخالفة القوانين الدولية والوطنية” وهو ما سيؤثر، بحسبها، على “التصنيف الدولي المغربي في مؤشرات الفساد المتدنية أصلا.” وتقترح المادة الثامنة من مشروع قانون المالية لسنة 2020، الذي صادق عليها مجلس النواب، بالأغلبية، والمعروض حاليا على مجلس المستشارين، إحداث “مساهمة إبرائية متعلقة بالتسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج المملوكة، قبل 30 شتنبر2019″، من طرف الأشخاص الذاتيين والاعتباريين المتوفرين على إقامة أو مقر اجتماعي أو موطن ضريبي بالمغرب والذين ارتكبوا مخالفات في “ميدان الرقابة على الصرف”. وللاستفادة من مقتضيات هذا “العفو”، نصت المادة على ضرورة قيام الأشخاص المعنيين ب”ّ إيداع إقرار مكتوب على مطبوع نموذجي تعده الإدارة يبين نوعية الممتلكات المنشأة بالخارج، لدى إحدى مؤسسات الائتمان المعتمدة باعتبارها بنكاً خاضعة للقانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها”، فضلا عن قيامهم ب”جلب السيولة على شكل عملات نقدية وكذا الدخول والحاصلات الناجمة عن هذه السيولة، و بيع نسبة من هذه السيولة لا تقل عن 25 في المائة منها في سوق الصرف بالمغرب مقابل الدرهم مع إمكانية إيداع الباقي في حسابات بالعملة أو بالدرهم القابل للتحويل مفتوحة لدى مؤسسات الائتمان المعتمدة باعتبارها بنكاً المتواجدة بالمغرب.” وبخصوص نسب و أداء المساهمة الإبرائية، فحددها مشروع القانون في “10 في المائة من قيمة اقتناء الممتلكات العقارية المنشأة بالخارج” ؛ أو من “قيمة اكتتاب أو اقتناء الأصول المالية والقيم المنقولة وغيرها من سندات رأس المال أو الديون المنشأة بالخارج”. كما يقترح المشروع تطبيق 5 في المائة من “مبلغ الموجودات النقدية بالعملة المرجعة للمغرب والمودعة في حسابات بالعملة الأجنبية أو بالدرهم القابل للتحويل”، و”2 في المائة من مبلغ السيولة بالعملة المرجعة للمغرب والمباعة في سوق الصرف بالمغرب مقابل الدرهم.” وسيمكن هذا الإجراء، وفقا لما هو منصوص عليه في المادة، من “تبرئة ذمة الشخص المعني من أداء الغرامات المتعلقة بمخالفة المقتضيات التنظيمية للصرف”، ومن “أداء الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات وكذا الذعائر والغرامات والزيادات المرتبطة بهما برسم الجزاءات عن مخالفة واجبات الإقرار والدفع والأداء المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب.” وبالنسبة لمدة التطبيق، فيص المشروع على أن “تمنح للأشخاص المعنيين فترة تبتدئ من فاتح يناير إلى غاية 31 أكتوبر 2020 للقيام بالإقرار وأداء المساهمة الإبرائية للتسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج.” ويستفيد الأشخاص المعنيون الذين قاموا بأداء المساهمة الإبرائية “من ضمان كتمان الهوية برسم جميع العمليات المنجزة خلال فترة هذه التسوية”، كما سيستفيدون من وقف “أية متابعة إدارية أو قضائية، سواء برسم الأحكام التشريعية بسن المقتضيات التنظيمية للصرف أو برسم التشريع الجبائي.”