قال المدير العام للمركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية خالد المديوري، إن المركز يعد فاعلا أساسيا لتعزيز وتطوير القدرات الإفريقية في مجال العلوم والتقنيات النووية والإشعاعية. وأوضح المديوري على هامش مشاركته في المؤتمر ال63 للوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا، أن المركز بفضل الخبرة التي راكمها، أصبح مساهما وفاعلا رئيسيا على المستوى الإقليمي في التكوين والخبرة والتحاليل المختبرية في مجال العلوم والتكنولوجيا النووية، معترف به من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتفاق التعاوني الإقليمي الإفريقي للبحث والتنمية والتدريب في مجال العلوم والتكنولوجيا النووية (أفرا). وأشار إلى أن المركز يعد المؤسسة التي تستقبل أكبر عدد من المتدربين الأفارقة على الصعيد العالمي، من خلال توفير تكوينات في الدراسات العليا تمتد لستة أشهر لفائدة أزيد من 200 مختص في المجال، وعبر التكوين عن بعد من خلال مفاعل البحث، إضافة إلى تنظيم 15 إلى 20 تظاهرة إقليمية ودولية سنويا بحضور 300 مشارك من إفريقيا والعالم. كما سلط الضوء على الجهود التي يبذلها المركز ضمن مجموعة (أفرا) التي تضم 42 مركزا إفريقيا لتطوير العمل الثنائي ومتعدد الأطراف، لا سيما من خلال التوقيع على اتفاقيات بين المغرب ودول إفريقية في إطار هذا الاتفاق التعاوني. واعتبر أن المكانة التي يحظى بها المركز على الصعيد الإقليمي، تساهم في تعزيز ريادة المملكة في المجال، وإبراز وتطوير النموذج المغربي للاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية والإشعاعية وتسخيرها لخدمة التنمية. وفي هذا السياق، أكد اهتمام المؤسسة منذ إحداثها بالتعاون الدولي الذي يشكل ركيزة أساسية لتطوير قدراتها وبرامجه العلمية والتقنية، مشيرا إلى إبرام مجموعة من الاتفاقيات مع دول رائدة في المجال، إلى جانب المجموعات الإقليمية التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأشار إلى أن المركز يتوفر حاليا على خمسة مراكز إقليمية للتميز معترف بها من قبل (أفرا) والوكالة الدولية للطاقة الذرية، تمكن من تعزيز القدرات في مجالات التكوين في الحماية من الإشعاع والأمن والسلامة النووية وتدبير النفايات المشعة. وأكد أن المركز، منذ إحداثه سنة 1986، أعطى دفعة قوية لتوسيع استعمال التكنولوجيا النووية طبقا للالتزامات الدولية والمعايير المعمول بها، من خلال توفير بنية تحتية ومختبرات وموارد بشرية متخصصة، وكذا المساهمة في تطوير إطار قانوني مناسب. وأضاف أن للمؤسسة مهام أساسية تمثل في تطوير البحث العلمي في المجال النووي ومواكبة التقدم العلمي والتقني على المستوى الدولي، والنهوض بالتطبيقات النووية في القطاعات السوسيو-اقتصادية، وتوفير الدعم التقني للسلطات العمومية فيما يخص الأمن والسلامة النووية والإشعاعية، وكذا تدبير ومعالجة النفايات المشعة على الصعيد الوطني. ولتجسيد هذا التصور، أوضح المديوري أن المركز طور كفاءات متخصصة في مجالات علمية متنوعة تغطي جميع التخصصات ذات الصلة بالعلوم والتكنولوجيات النووية، مبرزا أن عدد العاملين بالمركز يصل حاليا إلى 250، وتشكل الأطر العلمية والتقنية من دكاترة ومهندسين وتقنيين أزيد من ثلثي الموظفين، كما يضم أكثر من 20 من الخبراء المعتمدين من طرف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وذكر أيضا بإحداث مركب علمي وتكنولوجي للأبحاث في المجال النووي بالمعمورة وفقا للقوانين الوطنية والمعايير الدولية المرتبطة بالمنشآت النووية، حيث همت المرحلة الأولى إنجاز عدة منشآت علمية وتقنية شرع في استغلالها منذ سنة 2003، تضم مجموعة من المختبرات المتخصصة في مختلف التحاليل وإنتاج النظائر المشعة والتطبيقات النووية وتدبير النفايات المشعية، فيما خصصت المرحلة الثانية لبناء أول مفاعل نووي للأبحاث في المغرب، شرع في استغلاله سنة 2009. وأكد المديوري أن المركز يعمل جاهدا لتثمين أنشطته بإدماج برامجه ضمن استراتيجيات تنمية القطاعات السوسيو اقتصادية الوطنية، المرتبطة بالماء والصحة والصناعة والطاقة والتدبير المستدام للموارد الطبيعية، بشراكة مع الجهات والمؤسسات المعنية. ففي المجال الصحي، أشار إلى المساهمة في تطوير وتوسيع استخدام المواد الصيدلانية المشعة في الطب النووي بالمغرب، المستعلمة في الكشف عن العديد من الأمراض الباطنية والسرطانية وعلاجها، حيث يقوم بمواكبة أقسام الطب النووي العامة والخاصة بالدعم التقني والتكوين وتدبير النفايات المشعة. وفي قطاع الماء، أبرز عمل المركز في استعمال التقنيات النووية والنظائرية لتوفير وإعداد المعطيات اللازمة للمساهمة في التدبير المستدام والمتكامل للموارد المائية وطنيا وجهويا، مضيفا أنه يحرص في المجال الفلاحي على تطوير استخدام التقنيات النووية والنظائرية للمساهمة في التدبير المستدام للموارد الطبيعية. وفيما يخص حماية البيئة، فقد عمل المركز، بحسب مديره العام، على تطوير قدراته العلمية والتقنية للمساهمة في البرامج الوطنية المعتمدة لحماية البيئة ولمواجهة التحديات في حال وجود طوارئ نووية أو إشعاعية بالداخل والخارج، إضافة إلى تقييم الملوثات المشعة والكيميائية والبيولوجية. وأضاف أن المركز ساهم من خلال خبرة ثلاثة عقود في إدخال تقنيات نووية عديدة في المجال الصناعي بالمغرب، بهدف تحسين طرق الإنتاج الصناعي وجودته ومراقبة جودة البنيات التحتية للموانئ والسكك الحديدية والقناطر وسواها. وأبرز المديوري أن المركز يولي اهتماما كبيرا للتعاون مع الجامعات المغربية عبر مجموعة من الاتفاقيات، حيث يستفيد أكثر من 100 طالب في أسلاك الدكتوراه والماستر والهندسة من تأطير الكفاءات المتخصصة في مختلف شعب العلوم والتكنولوجيا النووية بالمركز.