دافع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، أمس (الاثنين)، عن حصيلة عمل الحكومة خلال سنتين من عمرها، والتي اعتبرها “إيجابية ومطمئنة”، منتقدا في الوقت ذاته بشدة من وصفهم ب”الحالمين” بتشتت الأغلبية وسقوط الحكومة. رئيس الحكومة، وخلال تقديمه للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أمام مجلسي البرلمان في جلسة عمومية مشتركة، قال إنه “منذ تشكيل الحكومة، وهناك من يبشر بتشتت الأغلبية، إلا أن هذا الأمل والحلم والوهم لن يتحقق”. وأكد المسؤول ذاته أن “الأغلبية الحكومية على الرغم من الاختلاف الواضح بين مرجعياتها وأولوياتها ووجهات نظرها في كثير من القضايا، إلا أنها عملت على تغليب أسلوب الحوار والتفاعل مع مختلف شرائح المجتمع، وإيثار منطق التوافق والتعاون والشراكة مع الجميع، وجعل المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار”، مشيرا إلى أنها مكوناتها اتفقت منذ البداية على “ضرورة الحرص على انسجام العمل الحكومي ورفع إيقاعه والتنسيق بين أعضائه ومكوناته، وهو ما كان له الأثر الإيجابي على الأداء الحكومي ومكن من مباشرة إصلاحات هيكلية أفقية في وقت وجيز”. وتابع العثماني أن التحالف الحكومي انطلق “في عمله بنفس إيجابي جماعي، ومن منطلق شعار “الإنصات والإنجاز”، المستند إلى الإنصات المستمر إلى تطلعات المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والتفاعل معهم، وإعطاء الأولوية للإنجاز على أرض الواقع”، منوها في السياق ذاته بدور الأغلبية البرلمانية في دعم الأوراش الإصلاحية للحكومة. وزاد العثماني أن الحصيلة المرحلية للحكومة، “فيها الكثير من الانجاز ومن الإصلاحات الواقعية، وفيها الكثير من المؤشرات الإيجابية المتعددة”، محذرا من “الانسياق وراء حملات التبخيس والتشويه الممنهجين، بغية التأثير على ثقة المواطنين في العمل العام وفي العمل السياسي”، على حد تعبيره. وأكد العثماني أن الحكومة واعية ب”أن المواطنين قد لا يحسون دائما بانعكاس الإنجازات التي قامت بها الحكومة على حياتهم اليومية”، وهو ما يستدعي، بحسبه، “رفع وتيرة الإصلاحات والمشاريع والإنجازات، والعمل على ضمان فعاليتها ونجاعتها، وأيضا مضاعفة جهود التواصل والتفاعل مع المواطنين، ومزيدا من المسؤولية في الخطاب السياسي والإعلامي.” واعترف العثماني أمام البرلمانين خلال الجلسة ذاتها، بأن الحكومة التي يرأسها أو أي حكومة أخرى “قادرة على حل مشاكل المغرب في نصف ولاية بل حتى في ولاية كاملة”، ثم أضاف “لكننا مقتنعون بأننا نسير في الاتجاه الصحيح وبحلول عملية ناجعة مادامت أن المؤشرات الدالة على الإصلاحات التي نباشرها هي في تقدم واضطراد مستمر، وكلنا أمل في أن نحقق أكثر في نصف الولاية المتبقية، لاسيما من أجل استكمال الوفاء بالتزامات برنامجنا الحكومي، وكذا العمل على تجاوز التحديات والصعوبات التي لا زالت تواجه بلادنا.” ودعا رئيس الحكومة إلى مواجهة ما اسمه “حملات تزييف الوعي وتعميم الإحباط، بمزيد من العمل وبذل الجهد”، مؤكدا أن المغرب يستحق الأفضل، وهو في المسار الصحيح، بالرغم من كل التحديات المحيطة به، قبل أن يستدرك قائلا إنه “هذا لا يعني أننا لا نريد انتقادا أو نصحا، وإنما ندعو إلى التحلي بالإنصاف في تقييم الواقع، نقول للسلبي بأنه سلبي، ولكن في المقابل نقول للإيجابي بأنه إيجابي.” وبلغة الأرقام، استعرض العثماني أمام ممثلي الأمة خلال الجلسة ذاته، التي انعقدت تطبيقا للأحكام الفصل 101 من الدستور، حصيلة ما حققته الحكومة خلال النصف الأول من ولايتها، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعية أو التشريعي، مذكرا في هذا الاتجاه بالمحاور الخمس الأساسية التي بني عليه البرنامج الحكومي، والمتعلقة ب”دعم الخيار الديمقراطي ودولة الحق والقانون، وتعزيز قيم النزاهة، وتطوير النموذج الاقتصادي والنهوض بالتشغيل، وتعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي، والعمل على تعزيز الاشعاع الدولي للمغرب.” وفي الجانب المتعلق بالاقتصاد والنهوض بالتشغيل، أكد العثماني أن الحكومة كثفت جهودها في هذا المجال، ل”تقوية تنافسية الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة تحديات العولمة ورهانات اقتصاد المستقبل.” وقال إن “أغلب المؤشرات الاقتصادية والمالية اليوم تطورت بشكل إيجابي، إضافة إلى استمرار الحفاظ على تحسين التوازنات الاقتصادية الكبرى، وذلك على الرغم مما عرفته وتعرفه الظرفية الدولية من توترات جيو سياسية، وتباطئ النمو في منطقة الأورو، والتقلب المستمر لأسعار النفط في الأسواق الدولية.” وأوضح العثماني أن الحكومة عملت على “تحديث منظومة دعم المقاولة وتحفيز الاستثمار”، ولا سيما إطلاق الورش الاستراتيجي لإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وإجراء عدد من الإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال وتسهيل حياة المقاولة مما مكن من تحقيق نتائج نوعية في مؤشري “ممارسة الأعمال” و “تدفق الاستثمارات الأجنبية”. كما عملت على النهوض ب”التشغيل والإدماج المهني”، من خلال اعتماد وتفعيل المخطط الوطني للتشغيل “ممكن”، و”اتخاذ إجراءات إرادية لتحفيز التشغيل، وإعطاء دفعة قوية للتشغيل العمومي”، إلى جانب تعزيز التنمية الصناعية، عبر تقوية المنظومة الصناعية الوطنية والبدء في التنزيل الجهوي لمخطط التسريع الصناعي، وهو “ما ساهم في تطور الصادرات ب10 في المائة سنويا وتحسين الميزان التجاري وتبوء المغرب المرتبة الأولى على المستوى القاري في مجال صناعة السيارات”. وكشف العثماني أنه خلال العامين الماضيين، شهد قطاع السياحة تطورا مهما، حيث ارتفع عدد السياح إلى 12,5 مليون سنة 2018 مقابل 10,3 سنة 2016، مع “مواصلة تأهيل قطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني”، و”تعزيز البنيات التحتية واللوجيستيكية وتطوير منظومة النقل، مع إنهاء عدد من الأوراش الكبرى في مجالات النقل السككي والطرقي والبحري”. وواصلت الحكومة، يضيف العثماني، الاهتمام بالقطاع الصناعي من خلال تنزيل مخطط التسريع الصناعي في أفق2020، إذ تم تحقيق 81 في المائة من الأهداف المتوخاة منه لحد الآن على مستوى التشغيل، حيث تم إحداث 405 ألف و496 منصب شغل في القطاع الصناعي، وهو المخطط الذي ساهم في الرفع من المعدل السنوي للصادرات بقيمة 10 في المائة ، ودعم التحول الهيكلي للنسيج الصناعي وتطوير تنافسيته، “مما جعل المغرب وجهة لعدد من الصناعات المتطورة ذات القيمة المضافة، مثل السيارات، الطائرات”، يوضح رئيس الحكومة. وفي قطاع السيارات، سجل المغرب، “استقطاب مصنعين عالميين بارزين، مما مكنها من بلوغ طاقة إنتاجية تصل إلى 700 ألفف سيارة سنويا”، يقول العثماني الذي أضاف أن “هناك زيادة في حجم الصادرات بلغت 65 مليار درهم خلال 2018، متجاوزا بذلك القطاعات التقليدية للمملكة كالفوسفاط، مما جعل بلادنا أول بلد إفريقي في إنتاج السيارات، مع تحقيق نسبة إدماج محلي تقدر ب 50.5 في المائة ، في أفق تحقيق الهدف المتمثل في بلوغ طاقة إنتاجية تقدر بمليون سيارة سنويا في افق 2022.” ومن ضمن الأرقام اللافتة التي أشار إليها رئيس الحكومة، تلك المتعلقة بالمقاول الذاتي، حيث كشف عن تسجيل 102 ألف و581 مقاول ذاتي إلى حدود نهاية أبريل2019، مقابل 32 ألف و400 سنة 2016، أي بلوغ 103 في المائة من الهدف المسطر برسم سنة 2021.