ثمن عبد الرحمان مكاوي، الباحث في العلاقات الدولية والخبير في الدراسات العسكرية والاستراتيجية دعوة المغرب منظمة الأممالمتحدة ومختلف هيئاتها لإدراج حماية والنهوض بحقوق شعب القبائل ضمن جدول أعمالها، وقال إن قيام المغرب بهذه المبادرة أمر طبيعي كان لابد من القيام به، ذلك أن الجزائر التي تتمادى في ترويجها الكاذب والمغلوط حول حقوق الإنسان في الصحراء المغربية، تنتهك هذه الحقوق على أراضيها، من خلال القمع في منطقة القبائل، التي ظلت منذ استقلال الجزائر سنة 1962 تطالب بحقوقها وتقرير مصيرها، بالإضافة إلى انخراطها منذ سبعينيات القرن الماضي في معاداة المغرب في وحدته الترابية وتسويقها للأطروحات الانفصالية سياسيا ودبلوماسيا ومن حيث التمويل اللوجيستيكي وإمداد المرتزقة بشتى أنواع الأسلحة. وأشار مكاوي، في اتصال هاتفي أجرته معه "رسالة الأمة"، إلى أن المغرب يمتلك أوراقا متعددة يجب ان يستعملها كذلك للرد على السياسة العدائية للجزائر، وذلك من خلال المطالبة بتقرير مصير مناطق الجنوب بالجزائر، التي تعالت فيها الأصوات المطالبة بهذا الحق، إلى جانب فتح ملف الصحراء الشرقية، التي اغتصبها الاستعمار الفرنسي من التراب الوطني المغربي وضمها إلى الجزائر نكاية بالمغرب الذي ساند الثورة الجزائرية. ونبه الخبير في الدراسات العسكرية والاستراتيجية من قيام الجزائر بمحاولات استفزازية ضد المغرب بعد احتدام الصراع السياسي والدبلوماسي بين البلدين، مشيرا إلى أن نظام بوتفليقة بعد هذه المبادرة المغربية من المحتمل أن يحاول افتعال مشاكل مع المغرب، حيث يتوقع من هذا النظام، الذي تنبني عقيدته على نظرية المؤامرة، أن يسعى خلال الشهور المقبلة إلى إثارة الفتنة في الأقاليم الجنوبية، من خلال تسخير عصابات مأجورة بهدف خلق البلبلة بهذه الأقاليم أو القيام بعمليات انتحارية، موضحا ان ما يؤكد هذه الاحتمالات هو قيام هذه العصابات في الآونة الأخيرة بتقوية ما يسمى ب"سرية رجال الضفادع" والتي قد يمكن استعمالها لتنفيذ هذا المخطط، مشددا في هذا السياق على ضرورة التعامل بكل جدية مع هذه الأمور لصد أي مناوشات قد يقدم عليها خصوم الوحدة الترابية. وكان المغرب قد دعا منظمة الأممالمتحدة ومختلف هيئاتها لإدراج حماية والنهوض بحقوق شعب القبايل ضمن جدول أعمالها، وفقا لميثاق الأممالمتحدة والآليات والإعلانات الأممية ذات الصلة، ويأتي هذا التصريح أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة بعد الاستفزاز الجديد الذي قام به الوفد الجزائري حول قضية الصحراء المغربية، في وقت لم تكن هذه النقطة مدرجة في جدول الأعمال. وأشار عمر ربيع، مستشار بالبعثة المغربية في نيويورك، إلى أنه يتعين على الأممالمتحدة ألا تصبح متواطئة في الصمت الذي فرض عنوة وبالعنف على هذا الشعب الشهيد، متابعا بالقول إنه "يتعين على المجتمع الدولي إبراز أصوات أزيد من ثمانية ملايين قبايلي ظلوا لمدة طويلة تحت وطأة الصمت والخفاء. وهكذا سينهار جدار التعصب ضدهم وإنكار تطلعاتهم المشروعة". وأعرب الدبلوماسي المغربي عن الأسف العميق لكون الشعب القبايلي يعتبر الشعب الأصيل الوحيد بإفريقيا الذي ما زال يعاني من التمييز الممنهج والعنف الشامل والحرمان من أبسط حقوقه الأساسية. وأضاف أن "الشعب القبايلي يجب أن ينصت إليه من أجل الاعتراف باحتياجاته وانتظاراته" وأن "من واجب المجتمع الدولي مواكبته حتى يتمتع بحقوقه الشرعية في تقرير المصير والحكم الذاتي". ولاحظ السيد ربيع بكل أسف بأن الشعب القبايلي ما زال محروما من ممارسة حقوقه الأساسية، خاصة المتعلقة بتقرير المصير. واعتبر أنه من غير المقبول إلى يومنا هذا أن يظل هذا الشعب تحت حصار عام وخاضعا لعقاب جماعي، فقط لأنه طالب بممارسة حقه الشرعي في تقرير المصير والحكم الذاتي. وأوضح "أن قادة هذا الشعب تم اعتقالهم ومتابعتهم، بالرغم من أنهم يعانون أصلا من ويلات النفي القسري. كما أن أفراد أسرهم لم يتم استثناؤهم من هذا الأمر. إذ يتعرضون أيضا للاضطهاد". وقال الدبلوماسي المغربي إن حقوق الشعب القبايلي في حرية التعبير والتظاهر، من أجل المطالبة بطموحه في تقرير المصير والتمتع بالحكم الذاتي، ووجهت بقمع عنيف واعتقال للمتظاهرين، كما تشهد على ذلك مختلف البيانات الصادرة عن المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، ومن بينها "هيومن رايتس ووتش". وأبرز السيد ربيع، نقلا عن إحدى هذه البيانات، أن "المسيرات السلمية التي نظمت في منطقة القبايل، من قبل العديد من الجمعيات إحياء للذكرى ال34 للربيع الأمازيغي، ووجهت بقمع دموي من لدن الأجهزة الأمنية." وأضاف أن البيان ذاته أكد أن "عناصر الأمن طاردت واعتقلت بوحشية الطلاب بحرم إحدى الجامعات". وأضاف أن "هؤلاء المتظاهرين القبايليين تم اضطهادهم لسبب بسيط، لكونهم طالبوا بحقوقهم الثقافية واللغوية والهوياتية، ورفعوا راية شعبهم". وقال السيد ربيع إن الاعتراف بالشرعية الكاملة لتطلعات شعب القبايل الأصيل تتضمنها المادة 4 من إعلان الأممالمتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية والتي تنص على أن "للشعوب الأصلية، في ممارسة حقها في تقرير المصير، الحق في الاستقلال الذاتي أو الحكم الذاتي في المسائل المتصلة بشؤونها الداخلية والمحلية، وكذلك في سبل ووسائل تمويل مهام الحكم الذاتي التي تضطلع بها". وأبرز أن الإعلان بشأن الشعوب الأصلية سيظل بدون مفعول طالما أن شعبا، ذو تاريخ يعود إلى 9000 سنة، لا يزال محكوما عليه بإنكار هويته بدون أي رد فعل من جانب المجتمع الدولي وخاصة الأممالمتحدة. وخلص إلى أن "لشعب القبايل الحق في التمتع بحقه في تقرير المصير والاعتراف بهويته الثقافية واللغوية".