أسئلة عديدة، تلك التي طرحتها فوزية البيض، عضو الفريق الدستوري بمجلس النواب، خلال جلسة مناقشة الميزانية الفرعية للمجلس الأعلى للحسابات، بلجنة العدل والتشريع، أول أمس الاثنين، إذ تساءلت البيض مخاطبة إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس عن مآل توصيات هذه المؤسسة الوطنية الدستورية، بالقول " إن تقارير مؤسسة بحجم المجلس الأعلى للحسابات بدورها المحاسباتي، رصدت إيجابيات من بينها التحكم في النفقات. كما وقفت على الاختلالات في مستوى وتيرة معالجة الملفات وتأخر آجال صرف المساعدات، وكذا تباين العلاقة بين القطاع العام والخاص، ودققت في المنجزات والخدمات، وفي المشاريع التي عرفت توقفات، هذا العمل الموكول لمؤسستكم تقوم به يوميا الصحافة التي تنبه الى العديد من الاختلالات من هذا القبيل والثغرات في القطاعات ذات الطابع الاجتماعي الذي راهنت عليه الحكومة. كمؤسسة مستقلة ومحايدة هل يقتصر دوركم في التنبيه ؟ وما مصير توصيات مجلسكم ؟." البيض وبعدما توقفت عند التقرير السنوي الأخير الذي قدمه جطو أمام نواب الغرفتين، والذي وضع اليد على العديد من الاختلالات الصارخة والأرقام الدالة على عدم الوفاء بالالتزامات والتعهدات في مجال السكن الاجتماعي، الصحة، التعليم، وكذا في الاستثمار الذي يعرف تباطؤا، وفي التدبير المفوض الذي يطرح أكثر من علامة استفهام على طريق تفويته، وغياب التنسيق بين مختلف المتدخلين في مجال واحد، اعتبرت أن دور المجلس يجب أن يندرج في صلب إعطاء البدائل عوض الاقتصار على لعب دور القوة الاقتراحية المعززة بالمؤشرات الدالة، والتي يمكن أن تساهم في تسليط الضوء على الرؤى التي تحيد عن الحكامة في السياسات العمومية. وأشارت البيض إلى أن من بين اختصاصات المجلس التدقيق في التصريح بالممتلكات، متسائلة "عن كيفية التعامل مع المخلين بهذا التصريح بالممتلكات؟ وعن غياب بيانات الجمعيات ذات المنفعة العامة؟ ومع من يتملصون من أداء الضرائب؟ وقالت مخاطبة جطو "ألا ترون معي أنه يجب فرض إخلاء الذمة الضريبية على المنتخبين قبل وضع ترشيحهم، وعلى المسؤولين في المؤسسات الاستراتيجية الكبرى قبل تنصيبهم، لكي لا يجعلوا من مناصبهم الانتخابية ولا من مكانتهم في هرم المسؤولية، مظلة للتستر على فضائحهم في انتظار تفعيل المبدأ الدستوري الرامي إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة." من بين اهم اختلالات الحكامة المالية، تقول البيض ما يلامس الرأس المال اللامادي intangible capital للمغرب، حسب دراسة للبنك الدولي، معتبرة أن المغرب يعد أكثر ثراء في هذا الجانب من الجزائر، حيث يلامس الجزء اللامادي من ثروة المغرب التي جاءت في منطوق خطاب صاحب الجلالة، ما يناهز 75%، حسب مدير قسم المغرب العربي بالبنك الدولي، سيمون غراي، قبل أن تتساءل "هل بإمكان المجلس تسليط الضوء على مفهومِ الرأسمال اللاَّمَادِّي، ماهو ؟ كيف يقاس؟ وما هي سبلِ إبرازه كمعيار أساسي في السياسَة العامة للمغرب.؟ من جهة أخرى، قالت البيض إن مقتضيات القانون رقم 36-04 المتعلق بالأحزاب السياسية، في مادته 37 ، تخول للمجلس مراقبة نفقات الأحزاب المتعلقة بالدعم السنوي الممنوح لها من طرف الدولة، وكذا الحسابات السنوية للأحزاب المدلى بها برسم كل سنة مالية، متسائلة عما تفعلون في الجزء غير المبرر غير التنبيه، "إذا غابت البيانات مفصلة المدعمة بمستندات الإثبات حول صرف واستعمال أموال الدعم السنوي؟". وخلصت البيض إلى أن المواطن يريد أن يطمئن على الدور المنوط بهذه المؤسسة الوطنية الدستورية، ويريد أن يلامس جدوى تواجدها وانعكاسها على تحصين المال العام، ومآل تقاريرها ويتابع عمل الرقابة العليا لصرف المال العام بعيدا عن التسييس الذي يمكن أن يبطل عمل مؤسسة مستقلة، فلسفة تواجدها تدخل في صميم محاربة الإثراء غير المشروع، المحسوبية و الزبونية والإفلات من تقديم الحساب، ترسيخا لقيم دولة الشفافية وسمو القانون دون تمييز.