كما كان متوقعا، رفع نادي قضاة المغرب من وتيرة احتجاجاته على مشروعي القانونيين التنظيميين المتعلقين بالنظام الأساسي للقضاة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ودعا جميع قضاة المملكة إلى حمل الشارة يومه الثلاثاء كخطوة تعبيرية أولى في انتظار قرارات احتجاجية أخرى سيعلن عنها مكتبه التنفيذي بناء على قرارات المجلس الوطني. ولم يكتف نادي القضاة بهذه الخطوة الاحتجاجية، بل أعلن عن إطلاق مبادرة حملة جمع توقيعات القاضيات والقضاة الرافضين لهذه المشاريع بمختلف محاكم المملكة، كما قرر تنفيذ مجلسه الوطني لاعتصام بمقر النادي يوم 7 نونبر المقبل. واعتبر "نادي قضاة المغرب" في بيان لمكتبه التنفيذي أن "المشروعين المذكورين بصيغتهما الحالية يشكلان انتكاسة دستورية حقيقية وتراجعا خطيرا على مكتسبات دستور 2011 في باب استقلال السلطة القضائية لتضمنهما مقتضيات خطيرة من شأنها أن تهدم الاستقلال المنشود من أساسه وتجعل القاضي الذي هو محور هذا الاستقلال خائفا مترددا غير قادر على اتخاذ القرار فبالأحرى أن يدافع عن استقلاله". وانتقد البيان ذاته، الذي توصلت "رسالة الأمة" بنسخة منه، بشدة بعض المقتضيات التي جاء بهما المشروعان المذكوران، معلنا إبراء ذمته منها، حيث اعتبرها تمس بالاستقرار المهني للقضاة، مشيرا في هذا السياق إلى أن "ما تضمنه مشروع النظام الأساسي للقضاة ينسف ضمانة استقلال القاضي بشكل تام من خلال مقتضيات المادة 96، التي وفرت آلية للمس باستقلالية القضاة أثناء أدائهم لمهامهم وتمرير التعليمات تحت طائلة التهديد بالإيقاف والعزل، لأسباب غير منسجمة لا مع أحكام الدستور ولا مع القوانين الجاري بها العمل". كما اعتبر البيان مشروع النظام الأساسي للقضاة أنه أسس لمنحى مغاير لضمانة عدم النقل، وذلك من خلال" إتاحته للمسؤولين القضائيين صلاحية الانتداب عن طريق نقل القضاة من المحكمة التي يشتغلون بها إلى محاكم أخرى"، مشيرا إلى ان هذا الأمر " يشكل مسا بالاستقرار الاجتماعي للقاضي، ويتحول في كثير من الأحيان إلى وسيلة لفرض التعليمات والتدخل في مسار القضايا تحت وطأة التهديد بالانتداب، ونفس الأمر ينطبق على مؤسسة النقل التلقائي للقضاة إثر ترقيتهم". وأكد نادي قضاة المغرب على ضرورة احترام الحقوق والحريات المكفولة للقضاة دستوريا وكونيا، بما في ذلك حقهم في التعبير وفي تأسيس الجمعيات والانتماء إليها، معتبرا أن ما جاء به مشروع القانون المعروض على أنظار البرلمان بهذا الخصوص "يشكل تنافيا مع أحكام الدستور، وكذا المواثيق الدولية المصادق عليها من قبل المغرب هذا فضلا عن حنق عمل الجمعيات المهنية للقضاة بعدة مقتضات تهم مجال عملها". وعبر المصدر عن استيائه من تركيز العديد من السلطات في يد الرئيس المنتدب للمجلس الاعلى للسلطة القضائية، ومما اسماه ب" التحجير على القضاة" من خلال عدة مقتضيات منصوص عليها في مشروع النظام الأساسي، الذي، وحسب المصدر ذاته، ألحق حيفا كبيرا بالقضاة المرتبين حاليا في الدرجة الثالثة، حيث جعلهم "خاضعين لنسق الترقي المنصوص عليه في ظهير 1974 قصد حرمانهم من حقهم في الاستفادة من المقتضيات الجديدة التي تقلص المدة نسبيا". واعتبر المصدر ذاته أن جعل تقييم القاضي في يد المسؤولين القضائيين بالمحاكم "سوف يجعله وسيلة للتحكم "، وجعل المفتشية العامة تابعة للرئيس المنتدب كذلك، "يمكن أن يجعل منها وسيلة للتحكم والتأثير على استقلال القضاة". ورصد نادي قضاة المغرب عدم الإشارة إلى مبدأ دمقرطة كافة المحاكم بمختلف درجاتها بما فيها محكمة النقض، عن طريق جعل الجمعية العامة هي الطريق الوحيد لاتخاذ القرارات التي تهم تقسيم العمل القضائي، والإبقاء على الادارة القضائية على وضعيتها الحالية، و.بقاء وزارة العدل حاضرة في المشهد القضائي، مما قد ينتج عنه مع توالي الأيام" تأثير لها على القرار القاضي من خلال منفذ المسؤوليين القضائيين بالمحاكم".