اتجهت نقابة المقاولين المغاربة (CGEM) إلى هيكلة تنظيمية أكثر ملاءمة مع التمثيلية الدستورية، برلمانيا ضمن مجلس المستشارين، وجهويا عبر انتشارها بين مختلف المهن الإنتاجية، بمختلف الأقاليم الوطنية، عساها تكون أنجع مواجهة للتحديات التكوينية البشرية والخصوصيات التكنولوجية والإبداعية التي تفرضها عولمة التنافسية، تمثيلية وإنتاجية مطالبان بتأطير نقابي مقاولاتي لا يقف عند كبار المنتجين، بل عليه النزول عند الفئات المهمشة للمقاولات المتوسطة والصغيرة! وكلها شروط أساسية لتمكين CGEM من تحقيق أحسن مشاركة في الاستراتيجية الوطنية الماكرو اقتصادية والقطاعية والترابية، لكي تستحق مطالبة القوى العمومية، المركزية، اللامركزية المنتخبة واللاتمركزية الإدارية المعينة، بتحسين مناخ المال والأعمال، بتضريب أكثر تحفيزا لأكثر المقاولين مبادرة وابتكارا، بأحسن حكامة إدارية وأنجع منظومة قضائية... مناخ يمكن الاستفادة من صفائه، شريطة أن يقبل التمثيل الباطروني الحوار الاجتماعي مع الطرف النقابي العمالي، قريبا من شروط التراضي، بعيدا عن أنانية «مول الشكارة»، المحوَّلة أحيانا إلى إضرابات مؤدية إلى إفلاس المقاولة وتسريح العاملين بها! تراض صعب المنال كلما أعطى بعض المقاولين «المْعَكْسين» الشعور للنقابات العمالية بأنها، أمام حق الإضراب، لازالت تخلط بين البحث عن إقناع الشغيلة ببعض المرونة في شروط العمل والتمادي في فرض أجور بئيسة، بدعوى البحث عن قدرات تنافسية من خلال تقليص مكونات الكلفة! شريطة أن يؤدي انفتاح العقليات النقابية العمالية إلى عدم اعتبار الإضراب سلاحا دائما لا محدودا، قد يضرب كل الآلة الإنتاجية عرض حائط الإفلاس المؤدي حتما إلى تسريح أطر وعمال! وكلها مظاهر سوء تفاهم بين طرفي نزاعات جدير بها أن تتحول إلى حوارات اجتماعية بناءة، تخدم في آخر المطاف كل الأطراف. شريطة إيجاد حكومة قادرة على القيام بدور الحكم المحايد، لإقناع الجميع بضرورة المفاهمة، بدل المواجهة. أما تمثيلية نقابة المقاولين فيمكن اعتبارها جد نسبية، نظرا لتواجد عشرات النقابات التي لا علاقة لها ب CGEM. إضافة إلى آلاف الوحدات الصغيرة أو الصغيرة جدا التي لا يمكنها الدخول في أي تنظيم نقابي. نسبية تعود كذلك إلى هيمنة الأنشطة الإنتاجية والخدماتية غير المنظمة التي تخلق رغم ذلك عددا من الفرص التشغيلية أكبر من كل المقاولات الموجودة! كلها معطيات موضوعية كان من المفروض أن تدفع CGEM إلى عدم الإعلان عن نتائج دراسية خيالية تعد المغرب بخلق عشرات الآلاف من المناصب الصناعية والخدماتية في أفق 2020! وعود بعيدة عن واقع البطالة الحالية، بل حتى القادمة! أمام حكومة تفضل اقتطاع الملايير من ميزانياتها التجهيزية لمجرد احترام التوازنات المالية الماكرو اقتصادية!. وأمام ممارسات وعقليات أشباه المقاولين المحققين أرباحا أنانية غير مستحقة، مبنية على التنكر للحقوق العمالية الاجتماعية أو اللجوء إلى الطفولة الشغيلة أو التهرب من الواجبات الضريبية وتقديم أجور أدنى من الحد الأدنى! كما على نقابة الباطرونا، إضافة إلى الدفاع عن مصالحها المهنية المشروعة وعن أرباحها المستحقة، أن تساهم بدورها في تخليق الحياة الاقتصادية والمالية والتجارية. من أجل ليبرالية مناضلة، لا تأخذ فقط حقوق المبادرة الحرة والملكية الخاصة، بل تقدم ما لديها من واجبات الشفافية المحاسباتية والمواطنة الضريبية، بدل الاكتفاء بالمطالبة بالمزيد من الترخيصات الريعية والإعفاءات الاستثنائية والتحايل على القوانين الاجتماعية وعن شروط تأمين الفضاءات الإنتاجية!.