فجر عبد السلام أبو درار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، قنبلة من العيار الثقيل، عندما أكد أن ضعف حصيلة المتابعات المتعلقة بالفساد مقارنة مع المخالفات المرصودة، بالإضافة إلى تقبل شرائح مهمة من المجتمع لهذه الظاهرة، قد أسهمت في اتساع رقعتها واكتساحها لمختلف المجالات الإدارية والسياسية والتربوية والاقتصادية والمجتمعية، "إلى حد أصبحنا معه أمام فساد نمطي"، يقول أبو درار أثناء استضافته في منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء،أمس الثلاثاء بالرباط. وفي تقييمه للمجهودات المبذولة، أضاف رئيس الهيئة المركزية للوقاية، إنه في ظل "غياب البعد الاستراتيجي لمكافحة الفساد"، يمكن تحقيق أي تقدم في هذا المجال، مشيرا إلى وجود ترسانة قانونية واسعة وملائمة "لكنها غير كافية على مستوى الآليات الزجرية والآليات الوقائية"، مسجلا في نفس الوقت "غياب قضاء متخصص في مكافحة الفساد"، بالنظر إلى كون الفساد جريمة معقدة يجب أن يكون العاملون في مجال التقصي حولها، مسحلين بوسائل تقنية، تساعدهم على القيام بواجبهم أحسن قيام، فضلا عن وجود آليات متنوعة للتواصل والتبليغ عن الفساد لكنها غير متماسكة ومعزولة عن بعضها. أبو درار الذي دعا إلى "تحيين وملاءمة السياسة الجنائية مع متطلبات مكافحة الفساد"، وكذا إلى "تدعيم فعالية ونجاعة مؤسسات المراقبة والمساءلة"، والنهوض بالحكامة العمومية وتعزيز الوقاية من الفساد، اعترف في اللقاء ذاته بأنه لا يمكن القضاء بشكل نهائي على ظاهرة الرشوة، لكنه في المقابل، أكد إمكانية ضبطها ، ووضع حدود لها، حتى لا تعمم، داعيا في الوقت ذاته الحكومة إلى إعمال مبدأ "اللي يفرط يكرط". من جانب آخر، انتقد أبو درار بشدة، مشروع القانون رقم 113.12 بشأن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، المعروض حاليا على انظار لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان بمجلس النواب، قصد دراسته والتصويت عليه، حيث كشف المتحدث أن هذا المشروع، قد قلص من مهام الهيئة، ولم يمنحها الصلاحيات التي منحها إياها دستور 2011، حيث قال في معرض رده على سؤال ل"رسالة الأمة، حول هذا الموضوع، "لقد بادرنا الى وضع مقترح مشروع حظي لمدة عامين بنقاش واسع، وقد أخذت به الحكومة في البداية، إلا أنها عدلته في اتجاه التقليص منمجال تدخل الهيئة"، مضيفا أن هذا المشروع القانون، حصر تدخلها "في الأفعال المتعلقة بالرشوة والاختلاس والغدر واستغلال النفوذ، كما هي منصوص عليها بالقانون الجنائي"، لكنه بالمقابل، "أبقى على بعض أنواع الفساد خارج مجال تدخل الهيئة، ومنها خاصة الفساد الإداري والسياسي والاقتصادي والتجاري والمالي"، يشير أبو درار. هذا، واعتبر أبو درار أن ما سجله المغرب في مؤشر إدراك الرشوة لسنة 2014 والصادر عن منظمة ترانسبرانسي الدولية، حيث تقدم من الرتبة 91 على 177 دولة سنة 2013، إلى الرتبة 80 على 175 دولة سنة 2014،(اعتبره) "تقدم بطيء"، لافتا إلى أن المغرب عليه أن يركز على ما حققه من نقاط في هذا المؤشر وليس التركيز على الرتبة، لأن هذه الأخيرة "ليس لها أي معنى"، قبل أن يؤكد بأن المملكة تحتاج لعشر سنوات، حتى تحقق نتائج أفضل في هذا المؤشر العالمي. إلى ذلك، كشف أبو درار، أن الهيئة تلقت وعالجت ما بين 2009 و2013، ما مجموعه 3096 شكاية، (1498 الطرق العادية و1598 بوابة "أوقفوا الرشوة ")، مشيرا إلى أن الشكايات المستوفية للشروط، تمت إحالتها على السلطات القضائية.