أكد رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة عبد السلام أبو درار، أمس الثلاثاء، أنه لا يمكن للمغرب إحراز التقدم في مجال محاربة الرشوة دون وضع إستراتيجية ناجعة لذلك. ودعا أبو درار، الذي حل ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء حول موضوع "الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة: أي استراتيجية من أجل القضاء على الرشوة؟"، في هذا الاتجاه بالخصوص إلى تكريس البعد الاستراتيجي في محاربة الرشوة، فضلا عن تحيين السياسة الجنائية. وأضاف أبو درار أن الهيئة التي أحدثت منذ ست سنوات، تعكس اختيار المغرب الانفتاح في مجال محاربة الرشوة، بدليل تركيبتها. وقال رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إن مشروع القانون الخاص بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها الذي أحيل على البرلمان أبقى بعض أنواع الفساد خارج مجال تدخل الهيئة، ومنها أفعال الفساد الإداري والسياسي والاقتصادي. ورصد أبو درار عددا من "النواقص" التي تعتري مشروع القانون الجديد ومنها إبقاء أفعال الفساد المجرمة بمقتضى نصوص تشريعية خاصة كالفساد الإداري والسياسي والاقتصادي والتجاري والمالي خارج مجال تدخل الهيئة. ومن النواقص التي تعتري مشروع القانون أيضا، حسب أبو درار، "تعطيل البعد المجتمعي للهيئة" وخصوصا من خلال غياب "التمثيلية المنفتحة والمتعددة" و"الامتداد الترابي" للهيئة، معتبرا أن المشروع المحال على البرلمان لم يرق إلى السقف الذي حدده دستور 2011. ولخص أبو درار مقومات مشروع قانون الهيئة الوطنية للنزاهة الذي صادقت عليه الحكومة في شهر يوليوز 2014 في "الأهلية القانونية والاستقلال المالي" و"حصر أفعال الفساد المشمولة بتدخل الهيئة في الأفعال المجرمة بالقانون الجنائي" وتمكينها من المهام الوقائية، وكذا من صلاحية التدخل الفوري "المشروط بتلقي الشكايات المعلومة"، إضافة إلى تمكين الهيئة الجديدة من تمثيلية نوعية مكونة من 12 عضوا. وبعد أن أشار إلى أن الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بادرت منذ البداية إلى صياغة مسودة لمشروع قانون الهيئة الوطنية للنزاهة، أوضح ضيف ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء أن الهيئة المركزية لمست حاليا "تجاوبا" من برلمانيين، في المعارضة والأغلبية، مع ملاحظاتها بشأن مشروع قانون الهيئة الجديدة لأنها "ملاحظات موضوعية". وتوقف أبو درار عند حصيلة عمل الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة على مدى ست سنوات من وجودها وذلك من خلال عدد من المحاور أولها تشخيص وضعية الفساد بالمغرب من خلال مؤشرات الملامسة، والمقاربة القطاعية، والمقاربة القضائية ومن خلال الشكايات والتبليغات. وقد وقفت الهيئة عند إنشائها بالخصوص على غياب البعد الاستراتيجي لمكافحة الفساد، ووجود ترسانة قانونية واسعة وملائمة لكنها غير كافية على مستوى الآليات الزجرية والآليات الوقائية ووجود إطار مؤسسي شامل لكنه يفتقر للتناسق مع غياب قضاء متخصص في مكافحة الفساد. كما ساهمت الهيئة، حسب رئيسها، في تحديد التوجهات الإستراتيجية لمكافحة الفساد من خلال 37 اقتراحا و260 إجراء هدفت لترسيخ البعد الاستراتيجي في مجال مكافحة الفساد وتحيين وملاءمة السياسة الجنائية مع متطلبات مكافحة الفساد وتدعيم فعالية ونجاعة مؤسسات المراقبة والمساءلة مع النهوض بالحكامة العمومية وتعزيز الوقاية من الفساد وتحسين الحكامة السياسية وتعزيز حكامة القطاع الخاص إلى جانب النهوض بالتواصل والتحسيس والشراكة. كما استجابت الهيئة لطلبات الاستشارة التي تلقتها كما هو الشأن بخصوص مشروع إصلاح منظومة العدالة الذي أكد أبو درار أن مجمل مقترحات الهيئة أخذت بعين الاعتبار عند بلورته، وكذا بخصوص مشروع الجهوية الموسعة والحوار الوطني حول الإعلام. كما تقدمت الهيئة باقتراحاتها وتوصياتها بخصوص الإجراءات ذات الأولوية للوقاية ومكافحة الفساد ومشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات ومشروع إصلاح منظومة الصفقات العمومية والإستراتيجية الوطنية للوقاية ومكافحة الرشوة والتي ينتظر أن يعلن عنها قريبا وفق السيد عبد السلام أبو درار. يشار إلى أن الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة تلقت 3096 شكاية، 1498 عبر الطرق العادية و1598 عبر بوابة "أوقفوا الرشوة ".