في سابقة من نوعها في تاريخ المغرب، دخلت المركزيات النقابية تلو والأخرى في معركة حامية الوطيس ضد حكومة عبد الإله بنكيران بسبب " استهتارها " بدور النقابات وتعطيلها للحوار الاجتماعي، والاحتقان الذي مافتئت تخلفه قراراتها اللاشعبية، التي أجهزت على الحقوق والمكتسبات الاجتماعية. شرارة هذه المعركة بدأت منذ أيام، حين أعلنت كل من الفيدرالية الديمقراطية للشغل( جناح عبد الحميد الفاتيحي) والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، خوض إضراب عام إنذاري لمدة 24 ساعة في الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري يوم 23 شتنبر الجاري، وهو القرار الذي أعلنت بدورها المنظمة الديمقراطية للشغل المشاركة فيه، لتأتي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وتقرر قبل أسبوع خطوة أكثر تصعيدا بإعلانها، بالإضافة إلى خوض إضراب عام وطني إنذاري لمدة 24 ساعة، تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان لكل المسؤولين النقابيين، ليختتم الإتحاد المغربي للشغل قائمة المركزيات النقابية التي انتفضت ضد "الهجوم" الحكومي على حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة، بإعلان مجلسه الوطني ، خلال اجتماع عقده أول أمس بالدار البيضاء، خوض إضراب عام وطني في جميع القطاعات سيتم الإعلان عن موعده في وقت لاحق. واتخذ المجلس الوطني للاتحاد المغربي للشغل هذا القرار من أجل التصدي للهجوم الحكومي على حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة، بتنسيق مع الشركاء النقابيين للمركزية النقابية، وفوض للأمانة الوطنية صلاحيات تفعيل وأجرأة هذه القرارات، وذلك "من أجل التصدي للهجوم الحكومي على حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة". وحمل بيان صادر عن المجلس الوطني للاتحاد المغربي للشغل الحكومة "مسؤولية تدهور الأوضاع الاجتماعية، والاحتقان الذي مافتئت تخلفه قراراتها اللاشعبية، ومماطلتها في التعاطي الجدي والمسؤول مع مطالب الطبقة العاملة المغربية، ويحذرها من تداعيات محاولة تفكيك القوانين الاجتماعية على التماسك المجتمعي". وندد ب"إصرار الحكومة على تعطيل الحوار الاجتماعي، وتملصها من التزاماتها السابقة"، كما شجب كل "السياسات التراجعية للحكومة واستمرارها في الهجوم على الحقوق والحريات النقابية، وفي ضرب القدرة الشرائية للجماهير الشعبية ومحاولات تمرير ما تسميه "إصلاحا" للصندوق المغربي للتقاعد على حساب الموظفين والموظفات وعموم الأجراء". واستنكر إصدار الحكومة للمرسوم القانون، الذي وصفه ب"المشؤوم"، والقاضي ب"التمديد الإجباري لسن التقاعد، بالنسبة لنساء ورجال التعليم"، وطالب بفسخه". ولم يفت المجلس الوطني، في الأخير، التأكد على تشبثه بالعمل النقابي الوحدوي، ومجددا التعبير عن إرادته في تحقيق مطمح الطبقة العاملة المغربية في الوحدة النقابية كخيار استراتيجي. ودعا الاتحاد المغربي للشغل، في البيان ذاته، كافة المناضلات والمناضلين، في مختلف القطاعات المهنية والإنتاجية والاتحادات الجهوية والمحلية والجامعات والنقابات الوطنية، إلى رفع وتيرة التعبئة والتأهب للدفاع عن حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة والجماهير الشعبية. وكان المجلس الوطني للاتحاد المغربي للشغل قد استمع إلى تقرير الأمين العام، الميلودي مخاريق، حول الظرفية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعيشها المغرب، وحول قضايا الطبقة العاملة المغربية الملحة أمام مسلسل الإجهازات على الحقوق والمكتسبات الاجتماعية. وانتقد المجلس الوطني للاتحاد المغربي للشغل بشدة "ضرب القدرة الشرائية لعموم المأجورين والفئات الشعبية بالزيادات المتتالية في الأسعار، وتجميد الحكومة للحوار الاجتماعي والمفاوضات الجماعية، في خرق لالتزامها باستئناف الحوار بعد فاتح ماي 2014، حول مطالب الطبقة العاملة وعلى رأسها الزيادة العامة في الأجور، وتخفيض الضغط الضريبي عن الأجور، والزيادة في معاشات المتقاعدين، وحماية الحريات النقابية، وحماية القوانين الاجتماعية وفي مقدمتها مدونة الشغل، ومنظومة التقاعد التي تصر الحكومة على التعامل معها بمنهجية أحادية، وبإجراءات تحايلية تروم القفز على أراء ومواقف الفرقاء الاجتماعيين".