في الوقت الذي هيمنت فيه قضية ازدواج الجنسية على أول مناقشات البرلمان الهولندي، بعد تشكيل الحكومة الجديدة، عبرت الأوساط الكروية الهولندية والبلجيكية عن غضبها من مدرب المنتخب المغربي الجديد، البلجيكي اريك غيريتس، ومساعده الهولندي بيم فربيك، وذلك بعد نجاحهما في إقناع عدد من اللاعبين المغاربة في بلجيكيا، هولندا، وفرنسا بالانضمام إلى المنتخب المغربي الأولمبي والمنتخب الأول. فقد اعتبرت وسائل الإعلام أن غيرتيس وفربيك خائنان لوطنيهما، بعد حرما من الدماء الجديدة الواعدة، خاصة بعد تألق المغربي إبراهيم أفلاي في المباراة التي فاز فيها المنتخب الهولندي، على نظيره السويدي بأربعة أهداف مقابل هدف واحد، والتي سجل فيها أفلاي هدفين، وأهدى هدفا لزميله بتمريرة رائعة لن تنساها الجماهير لمدة طويلة. الأجواء المسمومة وفقا لعبد الإله عفيري مراسل قناة الجزيرة الرياضية في هولندا، فإن بيم فربيك زار عدد من الأندية الهولندية، وتحدث إلى عدد كبير من اللاعبين من أصول مغربية، فلا يوجد ناد في هولندا لا يلعب فيه على الأقل لاعب واحد من اصل مغربي، ولم يجد صعوبة في إقناعهم بالانضمام إلى المنتخب الأولمبي الذي يشرف عليه، أو المنتخب الأول الذي يشرف عليه غيريتس، ومن بين هؤلاء اللاعبين زكريا الأبيض اللاعب الموهوب في فريق بي اس في ايندهوفن، وهو ما سبب ضجة إعلامية في هولندا، لأن الأبيض كان بصدد السفر إلى اوكرانيا للعب مع المنتخب الهولندي لأقل من 21 سنة، وكان المسئولون يعولون كثيرا على هذا اللاعب الموهوب، كما فضل لاعب ايندهوفن نور الدين المرابط اللعب مع المنتخب المغربي. أما سبب تفضيل اللاعبين الهولنديين من أصول مغربية للعب مع بلد الجذور فيقول عبد الإله عفيري: "السبب هو هذه الأجواء المسمومة التي تشهدها هولندا، سواء كانت سياسية أو اجتماعية والتي قد تكون ساهمت في جعل جل هؤلاء اللاعبين يختارون المنتخب المغربي وليس المنتخب الهولندي، كما أن المنتخب الهولندي يضم لاعبين كبار، وربما يخشى اللاعب المغربي أن لا تكون حظوظه وافرة للعب بشكل رسمي وأساسي في المنتخب الهولندي، وربما قد تتاح لهم الفرص أكثر مع المنتخب المغربي". العودة إلى الجذور كيف نفسر هذه المفارقة، وهذا التناقض الواضح بين الأوساط السياسية الهولندية، الطاردة للمهاجرين، والأوساط الرياضية الهولندية التي ترحب بالموهوبين منهم؟ يجيب عبد الإله عفيري قائلا: "إن الأمر يحتاج إلى بحث سوسيولوجي، ولكن الأوساط الرياضية تعول كثيرا على المهاجرين في المستقبل، بالإضافة إلى أنه لا يمكن التخلي عن الجنسية المغربية، وهذه الأجواء المسمومة التي يعيشها المهاجر المسلم، والمغربي تحديدا في السنوات الأخيرة، ومنذ اغتيال المخرج ثيو فان خوخ جعلت كثيرا من الشباب المغربي، سواء كانوا شبانا أو شابات يبحثون عن هوية آبائهم الأصلية المغربية والإسلامية، ولهذا فالسؤال أمامهم غير مطروح للتخلي عن الجنسية المغربية". من أبرز اللاعبين في هولندا منير الحمداوي، نجم فريق أجاكس أمستردام، والذي فاز بجائزة أفضل لاعب في الموسم قبل الماضي، والذي كان بامكانه اللعب مع المنتخب الهولندي، لولا تفضيله الانضمام إلى أسود الأطلس. حتى إبراهيم أفلاي نجم المنتخب الهولندي الواعد، والذي يستعد للانتقال للعب بجانب صديقه ويسلي سنايدر في نادي انتر ميلان، مقابل خمسة مليون يورو سيحصل عليها نادي ايندهوفن، لم يكن يفضل الانضمام للمنتخب الهولندي، ووفقا لعبد الإله عفيري فإن أفلاي صرح له عندما تم استدعاءه للانضمام للمنتخب الأولمبي الهولندي قائلا "عقلي يقل لي انضم للمنتخب الهولندي، بينما قبلي يقول انضم للمنتخب المغربي". التنظيم الجيد ويرى عفيري أن الضجة التي أثيرت حول دور ويسلي سنايدر في انتقال صديقه أفلاي إلى الانتر هي فقط للاستهلاك الإعلامي، فنادي ايندهوفن سيكون سعيد بانتقال افلاي للانتر، أو لنادي اتلاتكو مدريد الذي يرغب في ضم افلاي إلى صفوفه أيضا، بالإضافة إلى بعض الأندية الإنجليزية، ويرجح عفيري أن ينتقل أفلاي إلى الانتر قبل يوم 31، وهو موعد انتهاء انتقال اللاعبين، على أن يبقى أفلاي في صفوف ايندهوفن على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم، وذلك لأنهم يعولون عليه كثيرا في إحراز النتائج الإيجابية، التي قد تمكنه من الفوز ببطولة الدوري، الذي ضاع منهم في الموسمين الأخيرين. من بين الأسباب التي جعلت أفلاي يفضل الانضمام للمنتخب الهولندي، هي حالة الفوضى التي كانت تعصف بالاتحاد المغربي لكرة القدم، وعن هذا يقول عفيري: "هؤلاء الشباب ولدوا هنا في بلد منظم جيدا، وكانوا يفتقرون لهذا التنظيم في عالم كرة القدم المغربية، ليس أفللاي فحسب وإنما أيضا لاعبون آخرون مثل خالد بالحروس مدافع المنتخب الهولندي، ولم يلعب أفلاي أساسيا في المنتخب الهولندي، ولكن عندما اتيحت له الفرصة استغلها بجدارة، وخاصة في المباراة الأخيرة أمام السويد، التي لم يبهر فيها فقط الجمهور الهولندي وإنما أيضا الجمهور العالمي". المنتخب البلجيكي خسر اللاعبين المهدي كارسيلا، وناصر الشاذلي، وهو ما جعل الإعلام البلجيكي يصف غيريتس بأنه خائن، أما المنتخب الفرنسي فخسر خدمات كل من كريم آيت فانا، يونس بلهندة، وعبد الحميد الكوثري.