أدت التساقطات المطرية الأخيرة إلى إحداث أضرار بليغة في جل مناطق الإقليم خاصة على مستوى الطرقات التي انهارت أجزاء منها في بعض المناطق، مما أدى إلى شل حركة السير والمرور بها، تاركة سكان المناطق المعنية في عزلة تامة عن محيطها الخارجي، ومما يثيرنا كهيئة وطنية لحماية المال العام بالمغرب هو كون أغلب هذه الطرق حديثة الإنشاء كما هو حال الطريق الوطنية رقم 8 الرابطة بين تاركيست ولخلالفة بالجماعة القروية لبني أحمد، والتي عرفت انهيار بعض أجزائها وهو ما يكلف مبالغ طائلة من خزينة الدولة التي تضطر للقيام بإصلاحات وترميمات متتالية بعد كل فصل شتاء، لذا فإننا نتساءل عن الإستراتيجية التي تقوم بها الدولة في انجازها لهذه الأشغال كما نتساءل عن مدى تفعيل مراقبة التزام أصحاب المشاريع الذين ترسوا عليهم الصفقات بالمعايير القانونية للحفاظ على سلامة المواطنين، وخاصة أن الهيئة عاينت وتعاين بشكل دوري هذه الترميمات التي لا تريد أن تنتهي على مستوى إقليمالحسيمة. فكيف يعقل لصفقة الكورنيش التي مررت بالملايين من الدراهم منذ سنتين أن تعود الأشغال بها إلى نقطة الصفر جراء انجرافات التربة على جنبات الطريق مما ألزم المسؤولين على تخصيص ميزانية أخرى تقدر ب 4.35 مليون درهم من أجل الإصلاح والحماية من فيضانات واد أبولاي (رغم أن المبلغ المصرح به في لقاء رسمي بالولاية كان هو مبلغ 10 مليون درهم وهو ما يجعل الهيئة تتساءل عن القيمة الحقيقية للمشروع ) ، فكيف تغاضى التقنيون والمهندسون ومكاتب الدراسات عن هذه المخاطر البادية للعيان. خاصة وأن الموقع معروف بهشاشة تربته ووقوع فيضانات فيه بشكل موسمي. فإذا كانت هذه هي الإستراتيجية التي يعالج بها المسؤولون الكوارث المتوقعة فماذا سيكون حال المواطنين مع الكوارث الغير المتوقعة، هذا ولا يفوتنا أن نشير إلى صفقة إصلاح شارع الزرقطوني التي قدرت ب 21 مليون درهم من أجل تهيئة هضبة الشارع للحد من آثار انزلاق التربة حيث أن الشارع المذكور لم يمر على ترميمه سنة واحدة فأين هم كذالك المهندسون والتقنيون ومكاتب الدراسات المشرفون على هذه المشاريع؟ ولن نغفل مبلغ 21 مليون درهم الذي خصص مؤخرا لإصلاح وبناء جنبات أربع مقاطع متضررة من الطريق الوطنية رقم 2 من اجل وقايتها من فيضانات وادي النكور. يبدو أن هذه المشاريع التي وقفت الهيئة على بعض اختلالاتها ماهي إلا صورة مستنسخة وشبيهة بصفقة ساحة محمد السادس التي كلفت أزيد من 40 مليون درهم والتي لا زال المواطن الحسيمي لم يستوعب بعد هذا المبلغ مقارنة بحجم ونوعية الأشغال خاصة وأنه تم تغيير الزليج المغربي الذي كان يزين الساحة برخام صيني يميل إلى سواد يزرع في النفوس الكآبة والحسرة على ماضيها القريب. إن صورة الساحة لصورة مؤلمة ومهزلة تفجر في كل امرئ غيور على هذه المدينة دموع الغضب، والمسؤولية الكاملة في طريقة تدبيرها تتحملها كل الأطراف المتدخلة دون استثناء. إننا في الهيئة لسنا ضد الترميمات والإصلاحات بل نطالب بها، ولكننا فوق ذلك نطالب باحترام الأشغال للمعايير المعمول بها وطنيا ودوليا في إطار استراتيجيات بعيدة المدى حماية للمال العام من "المتخصصين في نهب المال العام" بتحايلهم على القانون – ولا داعي للتخفي في كل مرة بهشاشة التربة وغضب الطبيعة لإخفاء تقصير بعض المسؤولين عن القيام بواجباتهم والتزاماتهم الأخلاقية والمهنية. لذا نتساءل في الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب لماذا يتم إغراق الحسيمة بمثل هذه الصفقات التي لا تعمر إلا شهورا معدودة ؟ فمن المستفيد من مواردها ومن يضع التقارير ومن يخطط ومن ينفذ؟. نجيم عبدوني: بتكليف من المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب