معلومات خطيرة تلك التي ترد في شهادة ميمون السوسي من وراء قضبان سجن عكاشة بالدارالبيضاء: زعم أن رفضه تقديم قرض لقاض كان سبب اعتقاله، وأن فراره من سجن زايو تم بسهولة لأن موظفي السجن كانوا يقودونه دون أصفاد بشكل متكرر إلى مكتب المدير الواقع خارج أسوار السجن، وأنه حصل على بطاقة تعريف بيومترية تحمل صورته واسما غير اسمه، كما ادعى أن معتقلين بسجن عكاشة يقضون عقوباتهم الحبسية في زنازين أشبه بغرف الفنادق، مجهزة بتلفزات ودي في دي وثلاجات، يقيمون جلسات قمار، أبواب زنازينهم مفتوحة على مدار الساعة، وسجناء يخدمونهم.. هذه تفاصيل قصة السوسي المثيرة. كيف تم اعتقالي؟ بدأت قصة اعتقالي بمبلغ 80 ألف درهم، طلبه مني أحد القضاة عندما كان يعمل بمدينة الناظور، إلا أنني تلكأت في تسليمه المبلغ المطلوب. مرت سنوات على هذه الحادثة، لأفاجأ في أحد الأيام بأن اسمي ورد في إحدى المساطر المرجعية بمدينة الحسيمة، ليتم إلقاء القبض علي من طرف درك هذه المدينة، فأنكرت جميع ما نسب إلى من طرف المسمى الصديق السوسي، وهذا كله مثبت في محاضر الدرك. ورغم ذلك، تم تقديمي إلى الوكيل العام – ح.ع – الذي فوجئت بأنه هو القاضي الذي طلب مني قبل سنوات المبلغ السالف الذكر. انتظر حتى خرج جميع الموظفين الموجودين بمكتبه ثم توجه إلي قائلا: – نت كتعرف تعطي الفلوس غير لمن بغيتي، واش حنا مكنعرفوش نشدو الفلوس؟ -، كان يقصد بتلميحه أشخاصا معينين في سلك القضاء. بعد قراءته للمسطرة، – تبين للوكيل العام أنني أنكرت ما نسب إلي، فأرسلني إلى الشرطة القضائية لتعميق البحث، ففهمت انه يريد اعترافات مني، وهذا ما وقع بالضبط، حيث – تحايل – علي عناصر الشرطة، واستغلوا أميتي، وطلبوا مني التوقيع على محاضر أوهموني بأنها تتضمن نفس المعطيات التي صرحت بها لدى الدرك. الوكيل العام لم يقف عند هذا الحد، بل عمد إلى تغيير رئيس الهيئة المكلفة بالنظر في قضيتي، وأتى برئيس من غرفة أخرى. ورغم أن المدعو الصديق السوسي نفى أي علاقة لي به، قائلا للقضاء: – ليس هذا هو الشخص المقصود-. هاد السيد مكتربطني بيه حتى علاقة-، وضمن أقاويله في شكاية إلى وزير العدل، إلا أنه تمت إدانتي في القضية ب8 سنوات سجنا، وتم إيداعي بسجن الناظور، قبل ترحيلي إلى السجن الفلاحي بزايو، الذي قضيت فيه 8 أشهر-. قصة الفرار من زايو بعد اعتقالي ظلما بتهم لا علاقة لي بها، عشت شهور اعتقالي الاولى بسجن زايو بنفسية متدهورة جدا، فتعرفت على سجين أشرف على إنهاء مدة محكوميته، عرض علي فكرة الفرار من السجن... وبعد خروجه قام بجميع الترتيبات التي كان يبلغني بسيرها عبر الهاتف. وفي الأيام الأخيرة قبل الفرار، أكثرت من زيارة مدير السجن، الذي يوجد مكتبه خارج مبنى السجن، حتى إن موظفي السجن أصبحوا يأخذونني إليه دون أصفاد. وفي يوم 23 ماي 2008، وبعد خروجي من مكتب المدير، كانت سيارة رباعية الدفع موجودة بالقرب من مكتبه على متنها كل من –ق-، -ت-، -س-،. فبادرت بالركوب لتنطلق السيارة بسرعة كبيرة. ويضيف السوسي: -بعد ذلك، فررت إلى مدينة مليلية، عبر معبر بني أنصار، على متن سيارة مرقمة بإسبانيا كان يقودها شخص كلفه –ت-، الذي كنت ألتقيه في مليلية بشكل يومي، بإيصالي إلى هناك. كيف حصلت على البطاقة البيومترية؟ بعد الشهور التي قضاها السوسي بمليلية، أراد السفر إلى فرنسا، حيث تقطن أخته، ليستقر هناك بصفة رسمية، يقول: – عرض على –ت- فكرة الخروج من مليلية بوثائق مزورة، وقال لي إنه سيتكلف بالأمر، وذلك مقابل مبالغ مالية... فمددته بأربع صور فوتوغرافية. وبعد شهر، سلمني بطاقة التعريف البيومترية بإسم: بنعومر بنعيسى، وعليها صورتي، ولم يبلغني بأي تفاصيل عن طريقة حصوله عليها، التي لم أعلم بها حتى أخبرني بذلك قاضي التحقيق...-. يوم اعتقالي بطنجة بعد أن أصبح السوسي يتوفر على البطاقة البيومترية، أخذ يتحرك بحرية أكبر. وفي يوم 20/01/2010، حل بطنجة رفقة شخصين من مدينة الناظور، ونزلوا بفندق – شهرزاد -، وذلك لأنني كنت أريد الحصول على تأشيرة فرنسا، بمساعدة أحد العاملين بقنصليتها-. وفي يوم 22/01/2010 تلقيت مكالمة هاتفية من –ت-، الذي كان آنذاك معتقلا بسجن عكاشة، وبالضبط بعد انتهاء المكالمة ببضع دقائق كنت أتواجد أمام بوابة فندق – شهرزاد –، لأنني كنت سأغادر إلى مدينة الناظور للاحتفال بعيد ميلاد ابنتي إسراء. لأفاجأ بأشخاص يطلبون مني أوراق هويتي، فسلمتهم البطاقة الوطنية، ليطلبوا من الشخصين اللذين كانا برفقتي المغادرة، وأخذوني على متن سيارة معصب العينين، ووضعوني تحت أرجلهم. حيث أمضيت إياما عصيبة في مقر اعتقالي، الذي كنت أعرف أنه تابع ل-الديستي- بتمارة، مورست علي جميع انواع التعذيب وبطرق جد متطورة، كانت كلها بحضور احد الأطباء. واستطرد السوسي: – ومن بين طرق التعذيب التي تعرضت لها أنهم كانوا يعطونني عقاقير تدفع متناولها إلى الكلام دون توقف، وعندما كنت أتعب كانوا يحقنونني بمادة تعيد إلى وعيي، كما كانوا يكبلونني ويصبون علي ماء باردا، لتبدأ معاناة أخرى بعد أن تم إيداعي بسجن عكاشة. المعاناة في سجن عكاشة منذ أن ولجت سجن عكاشة، بتاريخ 7/02/2010، وأنا أعيش في عزلة انفرادية ومحروم من حقوقي الأساسية-، يقول ميمون السوسي وهو يتحدث عن ظروف اعتقاله بسجن عكاشة، التي يصفها بغير الطبيعية، – فأقل ما يقال عنها أنها ظروف مزرية، مقارنة مع ما يعيشه باقي السجناء، بل إن هناك معتقلين في قضايا خطيرة، لا مجال لمقارنتها بما توبعت من أجله، يعيشون في رغد ويتمتعون بجميع حقوقهم، وأبواب الزنازين مفتوحة دائما في وجوههم ويحظون بامتيازات عديدة: تلفاز، راديو، دي في دي، هواتف نقالة، ثلاجات، سجناء يسهرون على خدمتهم، وأنا أتعرض للتفتيش أكثر من خمس مرات في اليوم تحت إشراف مدير السجن-. ويضيف السوسي أن – هناك سجناء من طينة خاصة يقيمون لوحدهم في زنازين كبيرة، شبيهة بغرف منزلية، تتوفر فيها جميع حاجياتهم، بل حتى الكماليات، بل إن منهم من تأتيه طلبيات مأكولاته من مموني حفلات معروفين من خارج السجن، ويمارسون لعب – الكارطة – والشطرنج و ضامة وحتى القمار، وكأنهم في نوادي خاصة، فيما انا محروم من أبسط حقوقي، لا لشئ سوى أنني رفضت ابتزاز البعض كي أعامل معاملة تفضيلية. ورغم تدخل مجموعة من السجناء لدى المدير من أجل تمتيعي بأبسط حقوقي، إلا أنه يرفض ويتعلل بأن ذلك سيأتي بشكل تدريجي، غير أن الحال استمر على ما هو عليه، رغم المراسلات المتعددة لمحامي إلى المندوب العام لإدارة السجون بخصوص ظروف اعتقالي-، ويسترسل السوسي: – وإلي حدود حديثي إليكم، أمس، طلبت مقابلة مدير السجن للشكوى من الحيف والظلم اللذين أتعرض لهما، فكان جوابه: – نتا تبقى تشكي طول حياتك، ونا نزير، وجري طوالك وغدي نشوفو شكون غادي يربح فالأخير-. بل إنه في إحدى المرات عنفني وأخذ بخناقي فقط لانه وجد كأسا في زنزانتي أستخدمه لشرب الشاي، فكال لي جميع أنواع السباب والكلام النابي، ولم يسلم من ذلك حتى بعض موظفي السجن... وكان مبرر المدير في معاملته تلك لي هو: – نتا خرجتي على موظفين ومديرين بسبابك مشاو الحبش -. وفي الوقت الذي يقول السوسي إن أبواب الزنازين مفتوحة في وجه ذوي الحظوة، – فإنني محروم من مخالطة باقي السجناء، ولا تتعدى فترة الفسحة 20 دقيقة في الصباح وبعد الزوال، وذلك حتى ينصرف الجميع إلى زنازينهم، حتى تمنيت في كثير من المرات لو اعتقلت في – غوانتانامو – على البقاء في هذا السجن