بعد أن هدد حبرا يهوديا ب«البوليس» ومنع حفلا دينيا أثارت عودة واحد من أحبار اليهود المغاربة إلى المغرب جدلا وسط المجموعة اليهودية بالدارالبيضاء بعدما «امتنع» رئيسها بوريس توليدانو عن الترخيص لحفل ديني كان منتظرا أن يقيمه هذا الحبر، السبت المنصرم، بمؤسسة «لوبافيش» بالمدينة. وقال الحبر اليهودي، سيمون واكنين (52 سنة)، الذي هاجر المغرب، وهو ابن ثلاث سنوات، إنه لا يفهم سبب منعه من إقامة هذا الحفل، الذي يرمي إلى إعلان «الولاء للمملكة المغربية والدعاء لملكها في مناسبة دينية تخلد وفاة واحد من رموز اليهود المسمى الملك دافيد». سيمون واكنين، الذي عاد إلى المغرب بعد 49 سنة من الغياب، قال ل«المساء»: «إن هذا الحفل الذي تعرض للمنع كان منتظرا أن يحضره ليس فقط أصحاب الديانة اليهودية، وإنما حتى أصحاب الديانات الأخرى من مسلمين ومسيحيين»، مستغربا في الوقت نفسه «كيف يتم منع هذا الحفل الذي تزامن مع مناسبة دينية هامة لدى المسلمين وهي مناسبة رمضان». وقال سيمون واكنين إنه سعيد بعودته إلى المغرب بعد أن غادره سنة 1961، وهو لازال طفلا، في إطار موجات «التهجير» التي طالت العديد من اليهود المغاربة، لكنه ظل دائما يمني النفس بهذه العودة إلى أن تمكن من تحقيق ذلك قبل قرابة شهر، غير أنه وجد عدة «عراقيل وصعوبات أثناء تردده على إدارة المجموعة اليهودية للدار البيضاء». وأشار واكنين في هذا السياق إلى أنه لا يفهم كيف أن شؤون اليهود بالدارالبيضاء يسيرها شخص من مدينة العرائش، في إشارة إلى بوريس توليدانو، الذي يتولى منصب رئاسة المجموعة اليهودية بأكبر مدينة بالمغرب منذ 1973. والمثير أكثر، حسب سيمون واكنين، أن إدارة المجموعة لا تتوفر على أي أرشيف أو دليل سياحي حول المناطق والمدن التي سبق لليهود المغاربة أن أقاموا بها قبل موجات الترحيل التي طالتهم. «المغرب وطننا وهويتنا ونحن فخورون بالانتماء إليه، وهو بلد التسامح والتعايش ومن غير المعقول أن نعود إليه دون أن نجد مخاطبا ينصت إلى مشاكلنا»، يقول سيمون واكنين، قبل أن يضيف أنه يعرف العديد من اليهود المغاربة الذين لديهم رغبة في العودة إلى المغرب بهدف الاستثمار فيه، غير أنهم لا يجدون الطريق معبدة أمامهم. وقدم سيمون واكنين تجربته الشخصية مع إدارة المجموعة اليهودية بالدارالبيضاء كنمودج لما أسماه «التعامل غير السليم في التواصل مع العائدين من اليهود المغاربة، الذين يمكنهم أن يعطوا دفعة قوية للاقتصاد الوطني بالمغرب بعد أن جربوا العيش في بلدان أخرى غير آمنة». «أنا أعيش حاليا في أمريكا، يقول سيمون واكنين، لكني لا أقوى على إشهار ديانتي اليهودية. لكن في المغرب الأمر مختلف، إذ يمكنك أن تتحرك بهويتك ولباسك اليهودي بكامل حريتك دون أن تشعر بأي ذرة خوف أو نظرة دونية تجاهك»، مؤكدا على «أن هذه الهواجس يعيشها العديد من اليهود في أكثر من دولة». وكان سيمون واكنين أخطر المصالح الأمنية برغبته في إقامة حفل بالدارالبيضاء وطالب، في رسالة موقعة باسمه، والي الأمن بتوفير الحراسة الأمنية كي تمر أجواء هذا الحفل في ظروف عادية، غير أن بوريس توليدانو «منع هذا الحفل دون أن يعطي مبررات معقولة لقراره»، حسب قوله، مضيفا أن «بوريس توليدانو قال له إذا لم تعدل عن تنظيم الحفل سأستدعي لك البوليس»، وهو الأمر الذي اعتبره سيمون واكنين «سلوكا غير طبيعي في التعامل مع اليهود الراغبين في العودة إلى بلدهم المغرب للتعرف على أماكن أجدادهم وأضرحتهم ومعابدهم التي هجروها خلال سنوات الستينيات والسبعينات»، مؤكدا على أنه شخصيا كان يمكن أن يغادر المغرب مباشرة بعد قرار منع حفله الديني لولا أنه وجد بعض المساندة من طرف بعض أقربائه الذين تعرف عليهم بالصدفة أثناء جولاته في الدارالبيضاء. يذكر أن الحبر اليهودي سيمون واكنين ازداد بالمدينة القديمة سنة 1959 وعاش فيها ثلاث سنوات قبل أن يغادر رفقة عائلته في اتجاه إسرائيل، ومنها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية.