يقول أبن خلدون ” اعلم أن تلقين العلوم للمتعلمين إنما يكون مفيداً إذا كان على التدريج شيئاً فشيئاً، وقليلاً قليلاً، يلقى عليه أولاً مسائل من كل باب من الفن، هي أصول ذلك الباب ويقرّب له فى شرحها على سبيل الإجمال، ويراعى في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه حتّى ينتهي إلى آخر الفن، وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك العلم، إلا أنّها جزئية وضعيفة وغايتها أنّها هيّأتها لفهم الفن وتحصيل مسائله، ثم يرجع به إلى الفن ثانية فيرفعه في التلقين عن تلك الرتبة إلى أعلى منها، ويستوفى الشرح والبيان ويخرج عن الإجمال، ويذكر له ما هنالك من الخلاف ووجهه إلى أن ينتهي إلى آخر الفن فتجود ملكته ثم يرجع به وقد شدّ فلا يترك عويصاً ولا مهماً ولا مغلقاً إلاّ وضحه وفتح له مقفله فيخلص من الفن وقد استولى على ملكته ” من خلال قراءتنا للفقرة السابقة، يتبين لنا بأن ابن خلدون في المقدمة، يشير بأنه على الأستاذ معرفة مراحل النمو العقلي عند التلميذ، بحيث إنه لا يتحمل أكثر مما تستطيعه قدراته العقلية والمعرفية التي تساعده على الفهم والاستيعاب، ولكل مرحلة سنيّة قدراتها كما نعلم ومراعاة هذه القدرات شيء ضروري في العملية التعليمية ، وكذلك لابد لمن يضع المناهج التربوي و المقررات الدراسية و الأساتذة الذين يطبقون هذه المناهج من مراعاة هذه الشروط الأساسية . لقد اهتم ابن خلدون إلى آلية التعليم والتعلّم حين أشار إلى ضرورة التدرج ، و احترام النمو العقلي للتلميذ مقارنة مع التطور العلمي و المعلوماتي ؛ و آلية التعلم تسير وفق تسلسل منطقي يبدأ بالمعلومة البسيطة ، ثم تربط هذه بجوامع العلم وتكون المرحلة الثالثة خاصة بتحليل وتفسير ما يعترضه من مشكلات معتمداً على كم معرفي هو الرصيد الذي كونه خلال مراحله التعليمية التعلمية. كما ركز ابن خلدون في مجال التربية و التعليم على : 1- أخذ الدرس كاملا في حصة واحدة دون تقطيعه إلى حصص لأن في ذلك ذريعة إلى النسيان (وكذلك ينبغي لك أن لا تطوّل على المتعلّم في الفن الواحد بتعريف المجالس وتقطيع ما بينها لأنه ذريعة إلى النسيان وانقطاع مسائل الفن بعضها من بعض) 2- عدم الخلط بين العلوم أي أن ابن خلدون يدعو إلى التخصص أن لا يخلط على المتعلّم علمان معاً فإنه حينئذ قلّ أن يظفر بواحد منهما لما فيه من تقسيم البال و انصرافه عن كل واحد منهما إلى تفهّم الآخر فيستغلقان معاً ) 3- الابتعاد عن العنف و الشدة في التعامل مع التلاميذ في أنّ الشّدة على المتعلمين مضّرة بهم) ويقول كذلك ( إنّ رهاف الحد بالتعليم مضّر بالمتعلم سيمّا في أصاغر الولد) 4- ليس المهم عند ابن خلدون حفظ القواعد و المصطلحات ، بل المهم التطبيق عليها واستخدامها في كتاباته . بقلم الأستاذ محمد يوب