ج 3: من نجمة المحيط إلى مطعم تشكيطومرورا ببوشريط . الموسم الدراسي 1982 / 1983 مرمرورالسحاب . إلا أن أحداثه لن تمحى من الذاكرة . كنا نقضي حصصنا الدراسية النظرية بمدرسة المنارالمحادية لشاطئ البحر. بعدها نقصد مدرسة البريجة التطبيقية بحي لالة زهرة . أوقات الفراغ كنا نقضيها متسكعين بين أزقة وشوارع مازاغان . نختمها بأكلة شهية من السمك بمطعم تشيكيطو . أونقصدإحدى المقاهي أوسينما ديفور أو دو باري للترويح عن النفس .الجديدة شتاء ليست كما هي صيفا .حيث الشاطئ الممتلئ عن آخره والأمسيات الرائعة بمقهى نجمة المحيط . يغادرها المصطافون القادمون من المدن الداخلية . يعمرها فقط الدكاليون قاطنوها الأصليون . تخالها مدينة غير المدينة . بأضوائها الخافتة وضبابها المطبق الذي يدثرها ويضفي عليها سحرا خاصا .بينما منارها أو الفالورة كما يسميها الجديديون . يرسل نورا يبدد ظلامها الكالح . لشد ما إنبهرت بالمدينة الصغيرة أنا البيضاوي القادم من أكبر مدينة بالمملكة . بين أسوار المركزكنا نقبل على دروسنا بهمة عالية . وأثناء فترة الإستراحة كنا ندخل في نقاشات لاتنتهي . غالبا ما نتطرق لوضعنا المهني ومصيرنا بعد التخرج وأماكن التعيين . كنا نتحدث كذلك همسا في القضايا العامة . عندما كنا نتكلم نحن البيضاويون . كنا نحظى باهتمام كبيرمن طرف زملائنا بالمدن الصغيرة . لاسيما عندما كنا نسرد عليهم أحداث إضراب 20 يونيو1981 . منهم من كان يعاملنا معاملة الأبطال . بينما الآخرون كانوا يتحاشوننا وكأننا قادمون من كوكب آخر. عند عودتي مساء من المركز كنت أعرج على مكتبة بطريق بوشريط . لإقتناء الجرائد والمجلات والروايات خاصة الصادرة باللغة الفرنسية . إلتهمت تلك السنة الكثيرمن الكتب . عوضت فراق الأسرة والأصدقاء بالمطالعة . الخبز الحافي لمحمد شكري وروايات محمد زفزاف . العجوزوالبحرلإرنست همنغواي وكتب جان بول سارتر . ثلاثية نجيب محفوظ وقصص إحسان عبد القدوس . وغيرها كانت تبدد لحظات الفراغ . بالإضافة إلى الجلوس على الشاطئ الصخري قرب الميناء . أراقب طيور النورس البيضاء . تحوم حول رؤوس البحارة المغادرين نحو المجهول . ذات مرة راودتني فكرة غريبة : لماذا لا أخترق المحيط على ظهر مركب يحملني إلى جزيرة نائية …