عاشت رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط الجميل حدثا علميا أكاديميا متميزا، قلما تحتضنه عواصم الدول العربية و الإسلامية، ويتعلق الأمر بالندوة الدولية بعنوان" "دور المؤسسات التربوية و الثقافية في تعزيز منظومة القيم" بشراكة و تعاون بيداغوجي و مؤسساتي وازنين مع كل من الهيئتين العلميتين ألا وهما: مركز المهدي بن عبود للدراسات و البحوث و الإعلام و المعهد العالمي للفكر الإسلامي – فرع المغرب- ومشاركة نخبة من الأساتذة الأجلاء الباحثين ور جال الدولة من المغرب يتقدمهم معالي وزير الخارجية و التعاون السابق السيد: سعد الدين العثماني و خارجه، وذلك يومي: 24/25 ذي القعدة 1435ه الموافق ل20/21 شتنبر 2014م. وإذا كانت أشغال اليوم الأول المبارك( الذي تزامن مع نزول أمطار الخير) قد تميزت بكلمة السيد معالي وزير التعليم العالي و البحث العلي و تكوين الأطر فضيلة الدكتور لحسن الداودي – الذي أشار بإسهاب إلى دور الجامعة الريادي في تعزيز منظومة القيم باعتبارها فضاء للتكوين واكتساب العلم و المعرفة ،مستغربا للتصريحات و الخرجات التي تنادي بربط الجامعة بسوق الشغل. و بما أن إستراتيجية الإصلاح و التدبير قد اختلفت كليا بهذا السلك تحديدا ، بدءا بالثورة التي شهدتها المنح الدراسية وانتهاء بالسيل الهائل الذي تعرفه عملية التسجيل مع انطلاق كل موسم دراسي جديد ، فقد تمنى السيد الوزير أن تصل بلادنا قريبا إلى مليون طالب ، ضاربا الأمثلة بإيران الذي وصل عدد طلابها إلى 5 مليون طالب سنة 2005 و غيرها الذي يتأرجح معدلها بين 2،5 و 3،5 مليون طالب .ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح هو: لماذا هذا الانشغال و التمني؟ ثم منذ متى كان هذا الشعور و التصور حاضرين لدى وزرائنا المحترمين؟ باختصار، لأن سيادته- الوزير الحالي- له يقينيات بأن إصلاح الجامعة المغربية والارتقاء بمواردها البشرية و طلبتها هو الرهان الناجع لتحقيق التنمية المستديمة لوطننا – فإن أشغال اليوم الثاني قد عرفت عروضا قيمة و تعقيبات جوهرية نذكر منها: *العروض: 1- العولمة و انعكاساتها على القيم من إعداد الدكتور سعد الدين العثماني- طبيب نفساني و أستاذ الدراسات الإسلامية وعميد الندوة بامتياز. 2- قيومية القيم في بناء الحضارة من إعداد الدكتور ميمون أنكار- مفكر إسلامي وباحث في الشؤون التربوية و التجديد التربوي. 3- دور الأندية المدرسية في تعزيز منظومة القيم من إعداد الأستاذ حسن الطويل- المنسق الجهوي لأندية القران الكريم و السيرة النبوية بأكاديمية التربية و التكوين لجهة طنجةتطوان وأحد الوجوه البارزة في خلق و تنظيم الأنشطة الفكرية و المعرفية ذات المقاصد التربوية و الثقافية الروحية. و مما تجدر الإشارة إليه أن الشريط الوثائقي الذي يتضمن سلسلة من الأعمال و الأنشطة التي حققها نادي القران و السيرة النبوية تحت إشرافه، قد خلفت ترحابا و تصفيقا قويا من قبل الحضور بقاعة الشريف الإدريسي ، خصوصا لما شاهدوا متعلمين صغارا وهم يبنون و يجسدون صورة مغرب المستقبل سواء عن طريق الفن التشكيلي أوبغرس الأشجار و بتنظيف البيئة أو بتقديم خطب دينية محورها الوعظ و الإرشاد أو بإجراء لقاءات صحفية مع مسؤولين إداريين و تربويين هدفها إكساب هؤلاء الحس الإعلامي و القدرة على التواصل مع الراشدين دون خوف أوحرج. إنها حقيقة جهود تستحق التنويه و التشجيع. 4- مكانة القيم ووظيفتها في المنهاج التربوي بالمدرسة المغربية من إعداد الدكتور محمد بلكبير- رئيس مركز البحوث و الدراسات في القيم التابع للرابطة المحمدية للعلماء . * التعقيبات: 1- أحمد العمراني- عضو فريق البحث " الفكر الإسلامي و فن الخطاب وقضايا البيئة و المجتمع" بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالرباط. 2- أحمد البوكلي- عضو فريق البحث" الفكر الاسلامي و……………………………………………………." وتجاوزا لكل ماقيل ويقال في هذا الموضوع أي منظومة القيم: بدءا بإشكالية التعريف التي تعود إلى ترسانة مراجعها و تشاكس مصادرها ومرورا بتحديد أنواعها التي تتعدد بتعدد مجالاتها الرحبة و انتهاء باستخلاص غاياتها و مقاصدها المشتركة منها -مع غيرنا- و الخاصة، فقد أجمع الحاضرون أن القيم ضرورة اجتماعية تتسع باتساع شبكة الاتصالات و التواصلات بين الأطياف البشرية كجديد- يقول الدكتور العثماني- ولدته التكنولوجيا الحديثة والذي ساهم في تسهيل عملية بناء العلاقات بفعالية بين الشعوب و القبائل مصداقا لقوله تعالى" إنا خلقاكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أثقاكم" و بما أن الصراع ثقافي في العمق( أملته عدة شروط و عوامل: دينية/ مذهبية/ عرقية/ إثنية / سياسية/ بيئية ) الذي لايصله و لا يعرفه أحد على حد تعبير المفكر العربي أدونيس، و بما أن منظومة قيمنا- شبابا و أطفالا ذكورا و إناثا – شرعت تعرف في العقدين الأخيرين تراجعات مخيفة ، فإن الرهان التنموي أضحى موكولا للمدرسة كقيمة- يقول د: محمد بلكبير- لأنها تقوم بدور التغيير الذي يستهدف السلوك و التكوين، غايتها خلق ثقافة متعددة تصون قيم التعايش و الاختلاف و المواطنة من خلال القيم الكونية التي نتقاسمها مع الآخر كيفما كان جنسه أو لونه أودينه أو لغته اوهويته . فيما يرى الغير الحل يعود للأسرة كوحدة اجتماعية إيمانية تلعب أدوارا رائدة في غرس مبادئ الارتباط و الانتماء في نفسية الطفل عبر مسار زمني طويل مخصص للطفولة الإنسانية على اعتبار أن صغير باقي الكائنات الحية لا يعدو زمن انخراطه في الحياة ساعة أو أسبوعا أو 3 أسابيع، كما أنا البعض يراه في ضرب الإنية- الأنا- المتشددة التي لا تري في الأخر- الغرب- إلا الشر وفساد الأخلاق، في حين يؤكد الشيخ التونسي عبد الفتاح مورو على أن العيب ليس في الآخر ولا منظومة قيمنا وإنما في عدم قدرتنا على استخراج هذه القيم و تحريكها و تكييفها و تحيينها. بالإضافة الى هذا، عرفت الندوة ورشات عمل تربوية هدفها تعزيز منظومة القيم بالمؤسسات التعليمية و الثقافية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: - الورشة الثانية/ الثالثة: المحورالاول : "المناهج التربوية و البرامج و الكتاب المدرسي ومنظومة القيم أي علاقة؟ وقد عرف مشاركة أستاذنا الجليل الكتبي عبد الله، خطيب وواعظ و أحد الأسماء البارزة في خلق أندية القران الكريم و السيرة النبوية والسهر على تتبعها و تطوير أدائها . المحور الثاني: " كيف تبني المؤسسات التربوية و الثقافية منظومة القيم" وقد قام بتأطيرها الدكتور محمد سعيد صمدي- أستاذ ديداكتيك اللغة العربية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين طنجةتطوان، وأحد الوجوه اللامعة في عالم الكتابة وتنظيم الملتقيات الفكرية و التربوية والإسهام في تطويرها و إنجاحها، استنادا لقدراته و كفاياته المعرفية من جهة وتأسيسا على تجربته العميقة و الطويلة في هذا المجال من جهة ثانية. - الورشة الرابعة- محورها:" دور أنشطة الحياة المدرسية في الارتقاء بمنظومة القيم" تحت الرئاسة الفعلية للدكتور الجليل عبد الإله مطيع- رئيس شعبة السلامية بالمركزالجهوي لمهن التربية و التكوين السويسي بالرباط. وتأطير : الحسين وبا- كاتب و أستاذ باحث في عدالة الأحداث ومهتم بشؤون الطفولة باقليم طنجة. ومحمد الدرني أستاذ الفلسفة و باحث في الفكر إسلامي و أحد الوجوه المعروفة في عالم المشاركة و الحضور في الندوات و الملتقيات الفكرية و العلمية باقليم طنجة. - ترى هل حققت الندوة أهدافها المتوخاة؟ - والى أي حد يمكن للملتقيات الفكرية و الندوات العلمية أن تلعب دور الوسيط في تذويب الخلافات و الاختلافات القيمية التي تنخر كيان الأمة العربية الإسلامية؟ ذ" الحسين وبا باحث في عدالة الأحداث ومهتم بشؤون الطفولة نخبة من الأساتذة الأكاديميين ورجال الدولة من المغرب و خارجه يسلطون الأضواء على منظومة القيم .