في ظل التنافس الدولي المحتدم والتقدم التكنولوجي المتسارع والتقارب الدولي الضروري، لا ينكر أحد أهمية الاهتمام بتدريس اللغات العالمية لناشئتنا الصاعدة، هذه اللغات التي أصبحت أساسية لإنجاح الصفقات التي تتطلبها التبادلات الثقافية والمالية والتجارية و الاقتصادية بين الدول. لكن ما لا ينبغي إغفاله هو ألا يكون ذلك على حساب اللغات الوطنية والخصوصيات المحلية، باعتبار أن إتقان اللغات الوطنية وخصوصا اللغة العربية واعتمادها في تدريس المواد العلمية حتى البكالوريا أو بعدها إن أمكن له عدة مزايا: انسجام ذلك مع دستور المملكة لسنة 2011. يُمَكن شريحة مهمة من التلاميذ من استيعاب الدروس العلمية بسهولة، فمصطلح "القلب" على سبيل المثال لا الحصر يكون أسهل لدى التلميذ من مصطلح " le cœur" حيث أنه قد تعود على سماع المصطلح الأول منذ صغره. يمكن شريحة مهمة من التلاميذ ممن يتلقون تكوينا مهنيا بعد ما يغادرون المؤسسات التربوية قبل البكالوريا أو قبل الجذوع المشتركة أو قبل ذلك، من الاندماج بسهولة في مجتمعهم الأصلي، (نسب الهدر المدرسي في السلكين الابتدائي في الموسم الدراسي 2012-2013 بلغت في التعليم الابتدائي 7,4 في المئة والثانوي الإعدادي 18,5 في المائة والثانوي التأهيلي 27,5 في المائة و قرابة 42 في المائة لم يحصلوا على شهادة البكالوريا سنة 2013) إذ لا تحتاج هذه الفئة في ذلك إلى لغة موليير أو غيرها للتواصل مع أفراد المجتمع الذي تنتمي إليه لمزاولة مهنتها على أحسن وجه " فتسرب الغاز" على سبيل المثال لا الحصر يكون مفهوما لدى المواطن العادي أكثر من " fuite de gaz" – . حصول تقدم ملحوظ في التواصل باللغة العربية لدى الكثير من خريجي التجربة التي خاضها المغرب في مجال تدريس اللغات العلمية باللغة العربية، و هذا نلاحظه جليا من خلال استجوابات المواطنين الذين مروا من هذه التجربة و التي تقوم بها بعض القنوات السمعية البصرية في بعض المناسبات، و كذلك ما أصبحنا نلاحظه في الملتقيات العلمية المقامة بالدول العربية أو غيرها حيث تستعمل مصطلحات علمية عربية بالتوازي مع مصطلحات إنجليزية أو فرنسية.. . و قد كان من فضل هذه التجربة أيضا أن بدأنا نسمع بإنجاز بعض الأطروحات باللغة العربية كما وقع سنة 2014 عندما قدم أحد الطلبة أطروحته باللغة العربية لنيل دبلوم دكتورة الطب بكلية الطب بفاس… ما رأيناه في المغرب حول إقرار مسالك البكالوريا الدولية تنعدم فيه الرؤيا الواضحة و كذلك الغاية الشفافة، و لو كان ذلك مبنيا على أسس متينة لما ابتدأت العملية بتوقيع يكاد يكون سريا على معاهدات بين مسؤولين فرنسيين و مسؤولين مغاربة لإحداث هذه المسالك دون حضور متخصصين و أكادميين في المجال و دون أي تقييم للتجارب السابقة التي أُهدرت من أجل تثبيتها أموال طائلة. و كما بدأت الأمور بتكتم أتوقع أن ذلك سينتهي بتكتم أيضا من خلال تعميمها على كل المؤسسات الوطنية الخصوصية و العمومية، و قد أعطي فعلا الضوء الأخضر للمؤسسات الخصوصية لاعتمادها ، و ما أظن إلا أن ذلك سيصب في خدمة أجندة الدول الاستعمارية فقط ، إذ سيضل استعمارها الثقافي و الاقتصادي لنا مثبتا و مدعما باستعمال لغاتها في مقرراتنا العلمية الوطنية، كما أنه سيدعم خدمة تكنولوجيات و اقتصاديات هذه الدول، بحيث أن زبدة خريجينا سيجدون أنفسهم مرغمين للعمل لديهم .. 15غشت 2014 عبد اللطيف شعيب إطار التوجيه التربوي مكناس المسالك الدولية للباكالوريا المغربية