بقلم : عبد الحفيظ زياني إن مجموعة الثقافات المكتسبة ، والمعرفة الإنسانية التي تتراكم لدى العقل الإنساني ، وتجسد شخصيته وتعكس توجهه و سلوكه المجتمعي, تساهمان في توجيه الجانب السياسي لدى الأفراد والجماعات ، لتلعب أدوارا في صناعة المشاريع, فتساهم في اتخاد القرار . من دون شك، فإن الخلل الإنساني والأخلاقي , يترك آثارا وانعكاسات على التربية المدنية ، ويؤثر على السيرورة السياسية والاجتماعية والثقافية، أما على المستوى المنهجي ، فإن المقاربة الحقيقية تعود إلى مجموعة من الاتجاهات المكتسبة من سلوك المجتمع ، و الذي تدعمه الأجهزة الإعلامية والمؤسسات الإدارية، وتخدم التوجهات السياسية والإنسانية والثقافية والاجتماعية. إن التحلي بروح القيم المدنية السليمة ، تحصن الفرد و المجتمع من تسونامي الصراعات والتناقضات الداخلية ، تلك التي تقود إلى التطرف في كل مفاصل الحياة ومجالاتها ، فتؤدي بالسلوك السياسي إلى ازدواجية التوجه بفعل تضارب الأيديولوجيات و طغيان المصالح . عندما يعيش المجتمع صراعات وتناقضات على مستوى بنيته و وظائفه , فإن ذلك ينعكس على الفرد على مستوى التوجه السياسي والاجتماعي و الثقافي أيضا ، و على درجة تفاعلاته في جانب العلاقات التي تربطه بالأخر، كما تؤثر تلك الأزمة على التنظيمات السياسية والحزبية الحقوقية و النقابية ، فتخلق تناقضات تنعكس سلبا على المؤسسات المجتمعية ، مما تجعل الجميع يدور في حلقة من النزاعات الاجتماعية التي تزلزل كيان المجتمع وسلوكه السياسي والإنساني ، وتعرقل عجلة تقدمه سياسيا وثقافيا واقتصاديا. يقينا فإن التوجه السياسي ، الذي يعد المحرك الرئيسي لمجالات الحياة المدنية ، فهو نتاج مجموعة المهارات و السلوكات الإنسانية والثقافية المتأصلة عبر الزمن، فكلما نمى الوعي السياسي والثقافي والاجتماعي ظهرت القيم المجتمعية في شكل قوانين، مما ينتج عنه ممارسات وظواهر تحكمها الألية الاخلاقية ليتم إنتاج سلوك سياسي مدني سليم . إن على الأجهزة السياسية و التنظيمات الحزبية التي تمارس السلطة ، التخلي عن صراعاتها المجانية ، وتوحيد خطابها السياسي الجاد ، والابتعاد عن البراغماتية المقنعة ، من قبيل نيل المكاسب الشخصية وضرب الحق العام ، من أجل تأسيس مجتمع مدني قادر على إنتاج النخب حتى يتسنى تصحيح المسار و اكتساب ثقة القوى الشعبية .