منذ مجيء الحكومة الحالية قبل سنة تساءل الجميع عن أية إستراتيجية ستواجه بها حكومة المحافظين احد اعقد الملفات التي يتشابك فيها السياسي بالاجتماعي بالاقتصادي انه ملف التربية والتعليم خصوصا بعد إقرار الجميع أن الوصفة التي جاء بها ” تقنوقراط ” الحكومة السابقة لم تستطيع أن تزيل “الحمى” عن جسم ” الرجل المريض” بل زادته ألاما على ألام. ولقد حمل التصريح الحكومي في شقه المتعلق بالتعليم وتحت عنوان كبير “إعادة الثقة في المدرسة العمومية” التزامه بتحقيق الأهداف التالية: * جعل المؤسسة التعليمية في صلب الاهتمام بالنظام التربوي. بمنح المؤسسة التعليمية سلطة فعلية في القرار واستقلالية فاعلة في التدبير وستوفر لها الوسائل الضرورية والمؤهلات المناسبة للاضطلاع بمهامها وأدوارها التربوية، * حكامة قطاع التربية. تبني حكامة تنبني على مبدأ التخطيط والبرمجة الدقيقة، مع وضع أهداف واضحة وجدولة الإنجازات، وكذا تعميق ثقافة التقييم ووضع آليات التتبع والقيادة * الارتقاء بمهام المدرسة الوطنية وأدوارها. يتطلب إعادة النظر في نوعية ومناهج ومقاربات التعلمات وفي الممارسات التعليمية، وفي أشكال التنظيم واشتغال المؤسسات التعليمية. وبشكل عام فهي نفس الأهداف التي ارتكز عليها ما سمي ب” البرنامج الاستعجالي” وهي أيضا لا تختلف كثيرا عن ما سبق الالتزام به منذ 2002 في إطار أجراءة الميثاق الوطني للتربية والتكوين. ورغم ذلك فانه بعد سنة من التصريح الحكومي لم يظهر ميدانيا ما يفيد بوجود برنامج عمل واضح لتنزيل هذه الالتزامات وتحقيق الأهداف المسطرة. بل إن الوزارة الحالية اشتغلت بمنطق جديد في التدبير هو منطق الإلغاء حتى استحقت لقب ” وزارة الالغاء” واليكم النماذج: توقيف” البرنامج الاستعجالي”. إلغاء بيداغوجيا الإدماج. إلغاء ثانويات التميز. إلغاء المذكرة الخاصة بالترخيص للعمل بالتعليم الخاص. توقيف برامج التكوين المستمر. منع الصحافيين من حضور دورات المجالس الإدارية…….. كما ان الوزارة انخرطت هي الأخرى في “مهرجان اللوائح” محتلو السكن الوظيفي.المستفيدون من التفرغ النقابي. الشهادات الطبية…. ومن خلال قراءة سريعة في المطبوع الجديد الذي أصدرته وزارة المالية تحت مسمى “ميزانية المواطن” يتضح ان التدابير الحكومية “المموزنة” تهم أساسا بناء و إحداث مؤسسات تعليمية جديدة و داخليات بالإعدادي والثانوي. ورغم الأهمية الكبرى لهذه التدابير من ناحية توسيع العرض المدرسي وتخفيض نسب الهدر المدرسي والاكتظاظ اللذين يشكلان إحدى أهم معيقات”النهضة التعليمية” المرغوبة في بلدنا فإنها تؤشر على استمرار غلبة منطق” تقنوي” في مقاربة سؤال التربية والتعليم في المغرب دون القدرة على الانتقال إلى مرحلة طرح السؤال الكبير حول سياسة التعليم بالمغرب و الإقرار بوجود أزمة هيكلية وبنيوية تمس النسق التربوي العام وضرورة توفر إرادة سياسية حقيقية لإعادة تعريف دور المدرسة العمومية في المشروع المجتمعي العام لوطن اسمه المغرب منطلقا من اعتبار التعليم خدمة عمومية وقطاع منتج وليس مجرد عبء على الميزانية يستدعي إعادة التوازن للميزانية العمومية التقليص من نفقاته.