د. محمد الجناتي في الوقت الذي كان فيه الدكاترة ينتظرون معرفة نتائج مباراة أساتذة التعليم العالي مساعد، صدر بلاغ غادر عن وزارة التربية الوطنية يوم الثلاثاء 18 شتنبر 2012، مفاذه أن الوزارة عازمة على عدم الإفراج عن نتائج مباراة الدكاترة بذريعة انتظار البث في الدعوى القضائية التي رفعها بعض الدكاترة مطالبين فيها الوزارة بالإفراج عن نتائج مباراة الأساتذة المساعدين. وكان السيد محمد الوفا وزير التربية الوطنية قد تعهّد بالإفراج عن نتائج مباراة أساتذة التعليم العالي مساعدين دورة يونيو 2012 في القريب العاجل. وجاء هذا الالتزام بعدما استقبل الوزير أعضاء “تجمع 01 غشت للدكاترة المطالبين بإعلان نتائج مباراة يونيو 2012″ بحضور السيد الكاتب العام للوزارة والسيدة رئيسة قسم الاتصال وممثلين عن النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية وبعض أعضاء لجنة الطعون المتعلقة بمباراة الدكاترة يوم الاثنين 03 شتنبر 2012. هذا اللقاء تضمَّن تصريحات تؤكّد على ضرورة إشاعة جو من الثقة المتبادلة بين وزارة التربية الوطنية والفرقاء الاجتماعيين ورجال ونساء التعليم، وذلك خدمة لمصالح الأسرة والتلميذ المغربيين وتحصينا للمكتسبات التي حققتها المدرسة المغربية عبر تاريخ طويل من البناء والإصلاح والتطوير. لكن في المقابل، تنصل وزير التربية الوطنية من الاتفاق الذي أبرمه مع دكاترة تجمع 01 غشت رغم توصله ببلاغ مشترك بين النقابات الخمس الأكثر تمثيلية يوم الاثنين 10 شتنبر 2012 يدعو وزارة التربية الوطنية إلى الإفراج الفوري على نتائج مباراة الدكاترة وإلى إيجاد حل جذري لملف الدكاترة. فمنذ ذلك التاريخ، لم تعلن الوزارة عن النتائج، ونهجت سياسة التماطل والتسويف والهروب إلى الأمام والتذرع بمبررات واهية لعدم الوفاء بعهدها، مستخفة بالاتفاق الذي تم إبرامه مع الدكاترة بحضور النقابات ومستهترة بالظروف الاجتماعية والنفسية والاقتصادية لشريحة واسعة من الدكاترة الذين ينتظرون معرفة مصيرهم المهني. لقاء الدكاترة بالسيد الوزير يوم الإثنين 03 شتنبر 2012 عرف تدخلات ممثلي النقابات والدكاترة، تمحورت حول مطالبة وزارة التربية الوطنية بإعلان نتائج مباراة أساتذة التعليم العالي مساعدين دورة يونيو 2012 في أقرب الآجال، وذلك درءا لكل ارتباك قد يشهده الدخول المدرسي والتكويني الحاليين، وخدمة لمصالح رجال ونساء التعليم، حتى يتسنى للدكاترة الناجحين في المباراة الالتحاق بمراكز التكوين لمباشرة أعمالهم هناك وتقديم خدماتهم لأزيد من ثمانية آلاف أستاذ سيستفيدون من تكوين بيداغوجي وديداكتيكي يؤهلهم لأداء مهمتهم على أكمل وجه داخل أقسامهم السنة المقبلة؛ لكن ما نقرأه اليوم في بلاغ الوزارة وعدم وفائها بوعدها هو عين الارتباك وهو التسرّع بحذافره الذي يزكي أجواء عدم الثقة بين مسؤولي وزارة التربية الوطنية والدكاترة، ويعكس الصورة الحقيقية للامبالاة وزارة التربية الوطنية واستهتارها بمصالح نساء ورجال التعليم الدكاترة وبمعاناتهم نتيجة عدم الإعلان عن نتائج مباراة الأساتذة المساعدين؛ كما أن هذا البلاغ يحمّل وزارة التربية الوطنية كامل المسؤولية في تأزيم الدخول المدرسي والتكويني الحاليين نتيجة عدم الإفراج عن نتائج مباراة الدكاترة التي شارك فيها أكثر من 1000 دكتورا، خصوصا وأن مراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين تعرف نقصا مهولا في الموارد البشرية المؤطرة، وتعرف ارتباكا في الإقلاع التكويني نتيجة عدم التحاق الدكاترة الناجحين بها. وبالإضافة إلى تدخلات ممثلي النقابات الحاضرة في اجتماع وزير التربية الوطنية مع الدكاترة يوم الاثنين 03 شتنبر 2012، كان المنسق العام ل “تجمع 01 غشت للدكاترة المطالبين بالإفراج عن نتائج مباراة أساتذة التعليم العالي مساعدين دورة يونيو 2012″ قد أكّد أن الدكاترة نظّموا ثلاث وقفات احتجاجية للمطالبة بحقوقهم في شهر غشت (أيام 01 و08 و15)، وهو شهر عطلة تزامن مع شهر صيام رمضان المبارك، وذلك حتّى يدرؤوا عن أنفسهم تهمة إهدار الزمن المدرسي للتلميذ، وحتى يبعثوا رسالة للمسؤولين في وزارة التربية الوطنية وللرأي العام مفادها أن الأساتذة الدكاترة حريصون كل الحرص على خدمة مصالح التلميذ المغربي، وأنهم ليسوا هواة إضرابات، وأنهم لا يُضربون فقط من أجل التغيب عن العمل كما تُروّج لذلك مجموعة من الإشاعات، بل يلجؤون إلى الإضراب، باعتباره حقا من حقوقهم، كحل أخير للاحتجاج المشروع ولفت انتباه المسؤولين إلى المعاناة والمشاكل التي يواجهونها، والتي ترتبط بعدم معرفة أماكن عملهم لحدّ الآن، رغم أن الدخول المدرسي والتكويني على الأبواب، ورغم قرب انطلاق الدراسة بشكل فعلي في المدارس وفي المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين في كل أرجاء المملكة. لذلك فإن وزارة التربية الوطنية تتحمّل كامل المسؤولية في التصعيد النوعي الذي يعتزم الدكاترة تنفيذه خلال شهر أكتوبر احتجاجا وشجبا لسياسة التخبط والتماطل والتسويف والتحايل على حق الدكاترة في معرفة نتائج مباراة أساتذة التعليم العالي مساعد دورة يونيو 2012. وكان السيد الوزير قد أبدى تفهّمه لمطالب الدكاترة، وأكد في لقائه معهم أنه تقلّد مسؤولية إدارة وزارة التربية الوطنية من أجل حل مشاكل رجال ونساء التعليم والعمل على الرقي بالمنظومة التربوية التي تعرف اختلالا في عدة جوانب. كما طمأن الدكاترة الحاضرين بقرب إعلانه عن نتائج مباراة أساتذة التعليم العالي مساعدين الثانية، وهو التصريح الذي استقبله الدكاترة بإلقاء التحايا على السيد الوزير وشكروه على رحابة صدره وعلى جنوحه إلى الحوار والعمل على حل مشاكل رجال ونساء التعليم، وبادل الوزير التحايا بمثلها، فخرج الجميع في جو تطبعه الفرحة والثقة المتبادلة. وبعد كل هذا الانفراج النسبي، تخرج علينا وزارة التربية وطنية ببلاغ يتنكر لكل تصريحاتها والتزاماتها السابقة بقرب الإعلان عن نتائج مباراة الدكاترة. فما هذا العبث يا مسؤولي قطاع التربية الوطنية؟ وما هذه الازدواجية في الخطاب والفعل؟ أهكذا يمكننا كسب ثقة بعضنا البعض للرقي بالمنظومة التربوية وبالمدرسة المغربية؟ ثم لماذا كل هذه السرعة في اتخاذ القرارات السلبية التي لا تخدم مصالح نساء ورجال التعليم، في حين أن القرارات الإيجابية تعرفا تسويفا وتماطلا وتلكؤا واستهتارا ولا مبالاة؟ لقد وعد السيد الوزير الدكاترة يوم الاثنين 03 ستنبر 2012 بإفراجه فورا عن نتائج مباراتهم بمجرد صدور بلاغ مشترك بين التقابات في هذا الصدد، وقد أصدرت النقابات البلاغ المذكور وتوصلت الوزارة به يوم الاثنين 10 شتنبر 2012، لكنها ومنذ ذلك التاريخ وبعد مضي قرابة عشرة أيام لم تف الوزارة بعهدها، رغم اتصال الدكاترة بها مرارا وتكرارا، لكنها بمجرد توصلها بخبر وجود دعوى قضائية ضدها تطالبها بإعلان النتائج سارعت في الحين إلى إصدار بلاغ تخبر فيه الرأي العام عزمها عدم الاستجابة للدعوى ولمطالب الدكاترة. فماذا تعني هذه السرعة الضوئية في اتخاذ القرارات السلبية؟ ألا يدل هذا التماطل في الاستجابة لحقوق الدكاترة وهذا التسرّع في رفض إعلان النتائج على وجود نية مبيّتة للإجهاز على الحق في المعلومة المتعلقة بمباراة الدكاترة الثانية؟ إن وزارة التربية الوطنية تتحمل مسؤولية وعواقب تصرفاتها وقراراتها الجائرة، ولا يمكن لها أن تغبط الدكاترة حقهم في المطالبة بالإفراج عن نتائج مباراتهم بكل الطرق المشروعة. يُذكر أن “تجمع 01 غشت للدكاترة المطالبين بالإفراج عن نتائج مباراة أساتذة التعليم العالي مساعدين دورة يونيو 2012″ كان قد سطّر برنامجا نضاليا تصعيديا في شهر شتنبر دشنّه بوقفة يوم الاثنين 03 شتنبر 2012، أعقبه إضرابا لمدة ثلاثة أيام (11 و12 و13 شتنبر) مصحوبا بوقفة احتجاجية أمام وزارة التربية الوطنية يوم الأربعاء 12 شتنبر 2012، وهو اليوم الذي صادف الاحتفال بعيد المدرسة، بالإضافة إلى عزمه خوض إضراب آخر لمدة ثلاثة أيام (25 و26 و27 شتنبر) مصحوبا بوقفة احتجاجية أمام الوزارة يوم الأربعاء 26 شتنبر 2012؛ وذلك للاحتجاج على تماطل وزارة التربية الوطنية في إعلان نتائج مباراة الدكاترة الثانية وعدم التزام الوزارة بالوفاء بتعهداتها بإيجاد حل جذري وشامل لطي ملف الدكاترة نهائيا، وفقا لما تم الاتفاق عليه مع النقابات الخمس الأكثر تمثيلية. في هذا السياق، كان الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم السيد عبد الإله الحلوطي قد وجّه رسالة تخص مباراة الدكاترة توصَّل تدعو السيد وزير التربية الوطنية إلى الإعلان عن نتائج مباراة أساتذة التعليم العالي المساعدين دورة يونيو 2012، خاصة وأن لجنة الطعون المتعلقة بالمباراة المكوَّنَة من الإدارة والنقابات الخمس الأكثر تمثيلية قد أنهت أشغالها ووقَّعت على المحضر المشترك. مما يعني أن الظروف أصبحت جاهزة لإعلان نتائج المباراة المذكورة. كما أحاط السيد الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم علما وزير التربية الوطنية أن الدكاترة المعنيين بالمباراة مازالوا ينتظرون معرفة مقرات عملهم الجديدة بناء على النتائج خصوصا وأن الوقت يداهمهم مع حلول موعد إمضاء محاضر الدخول، وهم يعيشون أجواء قلق واضطراب نتيجة الظروف الاجتماعية المرتبطة خاصة بالناجحين في المباراة، خصوصا تغيير مقرات سكنهم وتسجيل أبنائهم في المؤسسات التعليمية وغيرها من الإكراهات؛ والتمس منه أن يبادر إلى إعلان نتائج مباراة الدكاترة في أقرب الآجال خدمة لمصالح رجال ونساء التعليم وإنجاحا للدخول المدرسي ومراعاة للمصلحة العامة للممدرسين. بالإضافة إلى ذلك، كانت النقابات الخمس الأكثر تمثيلية: الجامعة الوطنية لموظفي التعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل والنقابة الوطنية للتعليم (الكونفدرالية الديموقراطية للشغل) والنقابة الوطنية للتعليم (الفيدرالية الديموقراطية للشغل) والجامعة الحرة للتعليم (الاتحاد العام للشغالين بالمغرب) قد أصدرت بلاغا مشتركا يوم الاثنين 10 شتنبر 2012 تدعو فيه وزارة التربية الوطنية إلى الإفراج الفوري عن نتائج مباراة الدكاترة وإلى إيجاد حل جدري وشامل لملفهم؛ وهو البلاغ الذي تعاملت معه الوزارة باستهتار خطير نتيجة تصريحها بعدم إعلانها لنتائج مباراة الأساتذة المساعدين، بذريعة وجود دعوى قضائية رفعها بعض الدكاترة يطالبون فيها الوزارة بالإفراج عن نتائج مباراتهم؛ وهو ادعاء متهافت غير مبني على أساس، لأن إعلان الوزارة عن النتائج يجعل الدعوى القضائية ساقطة بقوة القانون، وهو الأمر الذي تدركه الوزارة جيدا، لكنها تصر على نهج سياسة شد الحبل وخلق أجواء من التوتر وعدم الاستقرار والتلاعب بمصير أساتذة حاصلين على أعلى شهادة تقدمها الجامعات المغربية. فأين الالتزام بالتصريحات والتطمينات والتأكيدات على قرب إعلان وزارة التربية الوطنية نتائج مباراة أساتذة التعليم العالي مساعدين؟ وأين الوفاء بالعهد يا سيدي الوفا؟