إن استفحال ظاهرة الغش في الوسط المدرسي ( الثانوي بشكل أخص) ، والتي أضحت صناعة قائمة الذات، تذر أرباحا مهمة على أصحاب محلات النسخ المتخصصين في التصغير و التصوير ، تسائل بشكل حرج ومقلق منظومة القيم بالفضاء التربوي المغربي. تلك المنظومة التي خصص لها ميثاق التربية والتكوين (الكتاب الأبيض) مرتكزات ثابتة تلخص المواطن الذي تسعى المدرسة المغربية تكوينه و القيم التي ينبغي أن يثمتلها : ” يهتدي نظام التربية والتكوين للمملكة المغربية بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها الرامية لتكوين المواطن المتصف بالإستقامة والصلاح، المتسم بالإعتدال والتسامح ، الشغوف بطلب العلم والمعرفة ، في أرحب أفاقهما والمتوقد للإطلاع و الإبداع، والمطبوع بروح المبادرة الإيجابية والإنتاج النافع .” كما أنشأت الوزارة الوصية آلية لتحقيق ذلك سمتها ” مرصد القيم” إن المتتبع و المعايش للواقع القيمي للمؤسسة التربوية المغربية، خاصة ما يتعلق بالغش في الإمتحانات وما يضمره من ضعف المستوى التحصيلي و الإنحرافات السلوكية، يجد أن المخطط الإستعجالي للوزارة الوصية فشل، إلى حد كبير، في ترجمة صورة المواطن الذي تتوخى منظومة التربية والتعليم ل”انتاجه” إلى واقع يمشي على الأرض ، بل بالعكس من ذلك ” أنتجت” شبابا يتسم بنقيض كل تلك القيم الواردة في الميثاق، دون تعميم بالطبع. و يتجلى ذلك في : 1 / الضعف الشديد للتحصيل العلمي لدى تلاميذ الثانوي التأهيلي ، يصل إلى مستويات كارثية، خاصة الشعب الأدبية، حيث أبانت الإمتحانات الإشهادية الأخيرة أن بعض تلاميذ السنة الختامية من سلك البكالوريا لا يميزون بين المذكر والمؤنث في الأمور المعلومة بالضرورة حيث كتب أحدهم، في اليوم الأول للإمتحان، مادة اللغة العربية ” تعالج هذه النص ...” و أخطاء أخرى نحوية ولغوية بالجملة تصيبك بالدوار. حيث سألت إحدى تلميذات السنة الأولى بكالوريا، مادة الفرنسية: ما معنى كلمة ( avec ) وأسئلة أخرى كثيرة كلها تبين مدى الخواء المعرفي لثلة من ” نخبة ” المستقبل. انتشار آفة الغش داخل الوسط المدرسي انتشار النار في الهشيم، حيث تكتفي الوزارة بتوزيع مذكرة تنص على ضرورة منع الغش وتقوم الإدارة بوضع سبورة وملصقات تبين عواقب الغش تم توفد النيابة ” مراقب” يمر على الأقسام في بداية كل فترة امتحان دون أن ينبس ببنت شفة . و يترك الأستاذ وجها لوجه في “مواجهة” تلاميذ يعتبرون الغش حق مشروع و كل من يرفض يعرض حياته للخطر خارج المؤسسة. ... بقلم الاستاذ جمال أسكى