تتواصل بمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين،فعاليات الدورة الثالثة لمعرض الفن التشكيلي “التربية بألوان الحياة”،الذي يعد بمثابة عين لتلاميذ المؤسسات التعليمية بجهة الرباط-سلا-زمور-زعير على الحياة في تناقضاتها وتضادها على مدار أيام السنة. ويعرض الشباب المشاركون في هذا المعرض،الذي اختير له هذه السنة شعار “رموز التضاد في الحياة”،لوحات من وحي إبداعهم،الذي يعبرون من خلاله عن رؤيتهم الفنية لما عايشوه أو كانوا شهودا عليه خلال 365 يوما مليئا بالمشاهد والملاحظات على وقائع اجتماعية مختلفة. ويمثل هؤلاء التلاميذ،الذين يقدمون لوحات تشكيلية تستمد قوتها من تفكير ومخيال فتي،وكذا رؤيتهم لحياة أفضل في المستقبل،مختلف المسالك والأسلاك التعليمية والأوضاع الاجتماعية،وكذا المتمدرسين نزلاء مركز التهذيب والإصلاح بسلا والمؤسسات الخيرية وتلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة. ويروم هذا المعرض،الذي تنظمه الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بشراكة مع مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين،إلى غاية 15 مارس المقبل،إنجاز عمل إبداعي له بعد جماعي يساهم فنيا في محو الفوارق بين الفئات الاجتماعية وترسيخ روح مواطنة تنبني على قيم التسامح والتشارك والتعاون. وخلال هذا المعرض الجماعي،الذي يضم إبداعات مواهب شباب تركوا ريشاتهم ووجدانهم يعبران بحرية عما يخالجهم على اللوحات التشكيلية،لم يكف الزوار عن التأمل في هذه الأعمال التي ميزتها ألوان صاخبة كالأحمر والأسود والأزرق،وأضفت بهجة وعكست رؤيتهم المتفائلة للحياة. كما تتنوع في هذه اللوحات،التي وضعها هؤلاء الفنانون الشباب في قالب تجريدي،كانعكاسات لمختلف الظواهر التي يعيشونها في حياتهم اليومية،الأشكال الهندسية والمواد والتقنيات الفنية المستعملة،وكذا الرموز والأيقونات. وأكد هؤلاء التلاميذ من خلال إبداعاتهم أن الرسم أداة بصرية فعالة من بين باقي أدوات التعبير،حيث استطاعوا طرح أفكارهم واهتماماتهم والقضايا التي تشغل بالهم من قبيل المخاطر التي تهدد البيئة. كما تركوا للزوار مساحة هامة لفهم دلالة الألوان المستعملة حسب رؤيتهم الشخصية للوحات،التي هيمنت عليها ألوان جريئة واحتفالية مشحونة أحيانا بالزخرفة وبمواضيع تنهل من التراث المغربي. وقالت كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي السيدة لطيفة العابدة،التي قامت اليوم بزيارة لهذا المعرض،”إن البعد الفني هو عنصر أساسي في تربية وتكوين الناشئة،وهو بالتالي يستدعي توسيع مجالات اهتمام المنظومة التربوية لتشمل عدة تعبيرات،مثل الفنون التشكيلية والمسرح والتربية الموسيقية”. وأضافت السيدة العابدة،في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء،أن “الوزارة تبذل مجهودات كبيرة في هذا الصدد بغية إفساح مجال أكبر للتعبير الفني في المؤسسات التعليمية”. من جهتها،أوضحت مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط-سلا-زمور-زعير السيدة التيجانية فرتات،في تصريح مماثل،أن “الهدف من تنظيم هذا المعرض الجماعي هو التربية بواسطة الألوان والأشكال،حيث تنتفي بيداغوجية الخطأ والصواب،وحيث تنمحي الفوارق الاجتماعية والمؤسساتية،وهو ما يتيح اندماج الطفل في فضاء رحب ومتعدد الأبعاد”. وأشارت إلى أن “مجموع اللوحات التي اشتغل عليها التلاميذ تشكل لوحة واحدة،تشعر كل تلميذ بانتمائه وارتباطه الوثيق بالآخر،فيما يدل عدد اللوحات التي بلغت 365 على عدد أيام السنة التي تحيل على ما هو كوني ومشترك لدى الإنسانية”. يذكر أن فكرة تظاهرة “التربية بألوان الحياة” كانت قد انطلقت خلال السنة الدراسية 2003/2002 من نيابة مولاي رشيد سيدي عثمان بالدار البيضاء،حافزها فلسفة تربوية ترمي إلى التأسيس لتعليم بطرق مغايرة،في فضاء مدرسي تسكنه الحياة ويكون للفن فيه دور تربوي وتعليمي. -إعداد إبراهيم الجملي-الرباط 24-2-2010- و م ع أ