أتصور دائما، كلما فكرت في الشأن العام المرتبط بتدبير شؤون المدينة، أن يقوم عمدتها أو رئس مجلسها البلدي أو الجماعة الحضرية،- المهم من يرأس المجموعة التي تصدت لتدبير شؤون المدينة تطوعا ودون أن يرغمها أحد على ذلك- بجولة في أطراف المدينة في أوقات مختلفة (صباحا أو مساء أو ليلا) وبايقاع متصل،وذلك حتى يطلع على مجريات الأمور عن كثب، وبدون واسطة، لأن تدبير شؤون المدينة لا يمكن أن يتم كلية من المكتب، والا ترتب عن ذلك، عدم الاطلاع على حقائق الأمور وبالتالي، الفشل في التسيير،،، بالمثال يتضح المقال، لنقم بجولة صباحية بمدينة تطوان .. يوم الثلاثاء 5 يونيو (اليوم العالمي للبيئة..) الساعة العاشرة صباحا ، الانطلاقة من حي المطار .. تحت شمس حارقة وسماء زرقاء صافية، الانارة العمومية بالطريق الدائري مضاءة حتى مدار المحطة الطرقية، ننحرف يمينا لنصعد عقبة الحلوف حتى مجمع الصناعة التقليدية، الانارة العمومية مضاءة أيضا ،، بعد حوالي ساعتين وعند العودة على نفس المسار ستظهر شاحنة-رافعة ، بجانب أحد أعمدة النور،بها أحد العمال يشتغل- على ما يبدو- على تعويض واصلاح المصابيح العاطلة،، جميل،، لكن ألا يمكن أن نقوم بهذا العمل في الساعات الأولى من الليل عندما تكون الشبكة كلها مضاءة؟؟ ألا يعلم المسؤول عن هذا السلوك غير المسؤول أن كل كهربائنا من الفيول والديزل، وأن الفاتورة الطاقية – وفي عز أزمة الطاقة- تثقل كاهل البلد قبل أن تثقل كاهلنا نحن الذين نؤدي فاتورة الانارة العمومية ، ألا يعلم أنه وبالاظافة الى العبء المالي، فان هذا السلوك يساهم في تكاثر انبعاث الغازات وبالتالي تفاقم انعكاسات الاحتباس الحراري؟؟ لنواصل جولتنا الصباحية ،، صعودا الى وسط المدينة التاريخي، بجوار حديقة مولاي رشيد (رياض العشاق سابقا)، سيدات بلباس بدوي ورجال يمسكون بخراطيم مياه يسقون،ثم يضعونها أرضا عندما يكلون،، الماء يسيل بجنبات الطريق،صافيا زلالا، الكازون المحظوظ شبع ماء، ولفظ مايزيد عن حاجته ليكون مآله المجاري أو التبخر في هذا القيض، ،للتذكير فهذا ماء شروب يمر من السد الى محطة التصفية ويكلف الشئ الكثير، وهذه الصورة تتكرر وباستمرار على امتداد المساحات الشاسعة التي يحتلها الكازون في أطراف المدينة ومداراتها ، وهو ما يعطي الانطباع أننا لانقدر قيمة هذه المادة الاستراتيجية التي تشكل عصب الأمن الغذائي والأمن بمفهومه العام،، هنا أيضا نتذكر اليوم العالمي للبيئة والمغرب يستعد لتقديم تقريره في قمة الأرض الجديدة ،" ريو دي جانيرو +20 " نصل الى المحطة الطرقية القديمة، وهنا وقفة ،لأمرين أساسيين، الأول، سوق السمك الذي ورثناه – هو أيضا عن الحماية الاسبانية- بمشاكله المختلفة وعلى رأسها الروائح الكريهة المزعجة التي تزكم الأنوف و تجثم على مدخل المدينة الرئيسي صيفا،، والثاني ، المحطة الطرقية السابقة والتي أغلقت مداخلها بشبابيك حديدية بشعة تشبه الأقفاص التي كان الانجليز يحبسون فيها الفيلة في طنزانيا ، هذا الفضاء الضائع ، يمكن أن يتحول الى منفعة ، دون تكلفة تذكر اذا قسم الى مرأبين كبيرين، يستغلان لمصلحتين أساسيتين : الأول، الى ثكنة ملحقة للوقاية المدنية، فالجميع يعلم أن الاسعاف شئ ترتبط فاعليته بعامل الوقت، فلكي تنتقل سيارة الاسعاف أو آلية الاطفاء من الثكنة الحالية الى وسط المدينة المرتبط بالمدينة العتيقة، حيث تتركز التجارة والحركة والخدمات، يتطلب الأمر – مع عجقة السير- حوالي نصف الساعة،سيما في ساعة الذروة مما من شأنه ضياع أرواح وممتلكات، وقد كانت المدينة تتوفر سابقا على مرأب بجوار الباشوية (مقر ملحقة مولاي المهدي حاليا) توضع به سيارة اسعاف وألية اطفاء للتدخل السريع.. الثاني، يمكن أن يتحول الى موقف لسيارات موظفي البلدية ومستشاريها ، ولم لا المواطنين المراجعين لمصالح البلدية ، فنربح موقفا مناسبا وعمليا يمكن أن يؤدي مباشرة الى البلدية، ونربح حديقة بالموقف الحالي، المجاور للمدخل الرئيسي، تزيد من رونق المدينة وجماليتها.. نصل أخيرا الى وسط المدينة ،، كثير مما يقال و يشاهد ، لكن نقف عند معلمتين لا يمكن أن تقوم لتطاون قائمة في السياحة والتنمية بأنواعها، دونهما، خصوصا مع تطبيق برنامج تأهيل المدينة العتيقة، لتسويقها سياحيا وثقافيا ، يتعلق الأمر ،أولا ، بأوطيل درسة، ( شقيق أوتيل لينكولن بالبيضاء، لكنه أحسن حالا..) بقيمته التاريخية والفنية كجزء من الذاكرة المشتركة، والذي تحول مدخله الى مرحاض في الهواء الطلق (شرف الله قدركم!!) ، ونبتت بناية اسمنتيه في الفضاء المجاور له دون أن نرى لاصلاحه أثرا،، ثانيا ، الفندق الوطني (ناسيونال) بموقعه المتميز بوسط المدينة بشارع محمد الطريس ، والذي تحول الى أطلال بجذران متسخة ونوافذ وأبواب في حالة يرثى لها تسئ الى المدينة وساكنتها وزوارها المتميزين،، الذين آن وقت مجيئهم ونريد أن يتم استقبالهم – على عادة أهل تطوان - في أحسن حال ، وكما تعلمون فهم يضعون النظافة والنقاء والرونق قبل أي شئ آخر ..!! (بخصوص موضوع الأزبال التي تصادفك أكوام منها بين الفينة والأخرى، لم أنسه وانما تناسيته،،لأنه أصبح شيئا مألوفا ..!!) زين العابدين الحسيني بريس تطوان