منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب تنسيقية تيطاوين تقرير حول القافلة التضامنية للمنتدى إلى الحسيمة وبني بوعياش وإمزورن على إثر ما شهدته منطقة الريف مؤخرا من أحداث مؤلمة نتيجة التدخل العنيف للقوات القمعية في حق المواطنين والاعتقالات العشوائية التي طالت العديد من المناضلين الحقوقيين والتلاميذ والسكان، وفي مقدمتها مدن بني بوعياش وإمزورن وبوكيدارن، نظم منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب يومي السبت والأحد 24 و25 مارس 2012 قافلة تضامنية إلى المنطقة شملت المدن المتضررة الثلاث، بحيث عقدت لقاء مفتوحا مع الفعاليات المدنية والحقوقية والمناضلين في الحركات الاحتجاجية بالمنطقة وذلك للبث في الأحداث التي عرفتها. وحلت هذه القافلة التي ضمت تنسيقيات المنتدى بكل من طنجة وتطوان والعرائش والقصر الكبير وشفشاون والحسيمة والناظور، مساء يوم السبت 24 مارس 2012 بمدينة الحسيمة، حيث عقدت لقاء مع الفعاليات المحلية بالمركب الثقافي والرياضي بالمدينة تم خلاله تدارس الخطوات الاحتجاجية والعملية المزمع تنظيمها على خلفية هذه الأحداث. وقد تميز هذا اللقاء بكلمتين ألقاهما كل من المنسق العام للمنتدى، الدكتور عبد الوهاب تدمري والأستاذ علي الطبجي، اللذان تحدثا فيهما بإسهاب عن الانتهاكات المرتكبة من طرف النظام المخزني في حق المنطقة منذ خمسينيات القرن الماضي وكذا مختلف التراكمات التاريخية التي أدت إلى انفجار الأوضاع بالريف، وخاصة بإقليم الحسيمة الذي عانى عقودا طويلة من القمع والإقصاء الممنهجين ومختلف أنواع الحكرة والتهميش، ليأخذ بعدهما الكلمة الفاعل الحقوقي والمحامي عضو هيئة دفاع معتقلي أحداث بني بوعياش وإمزورن، الأستاذ عبد المجيد أزرياح، الذي تناول في كلمته الحديث عن الأحداث التي وقعت بالمنطقة في شقها القانوني حيث سرد نوعية التهم الموجهة للمعتقلين مبينا العقوبات المترتبة عنها حسب فصول القانون الجنائي المغربي. كما تناول الكلمة في هذا اللقاء بعض الفعاليات المحلية ونشطاء حركة 20 فبراير بالإقليم حكوا خلالها فصول تدخل القوات القمعية في حق محتجي بني بوعياش وإمزورن وبوكيدارن واقتحامها لثانوية مولاي إسماعيل بإمزورن ليلا وكيف تم اقتياد تلاميذ داخلية المؤسسة إلى الثكنة العسكرية بالمدينة وتعرضهم للتعنيف والتعذيب على أيدي هذه القوات واعتقال بعض منهم، وكذا فصول اقتحامها لبعض بيوت المواطنين ليلا بمدينة بني بوعياش ونهبها لممتلكاتهم بما فيها الدكاكين والمقاهي والمحلات التجارية والمطاعم وغيرها، ومحاولتها إلصاق تهم التخريب والنهب بالمحتجين، إضافة إلى تدخلها العنيف في حق معطلي المنطقة الذين كانوا في وقفة احتجاجية سلمية ومنعها للمسيرات التضامنية لساكنة إمزورن وبوكيدارن والحسيمة التي كانت متجهة إلى بني بوعياش وتفريقها بالقوة مستعملة فيها شتى وسائل القمع والترهيب، وكذا تلفظها بالكلام الساقط والنابي والجارح في حق أهالي منطقة الريف عموما والحسيمة على وجه الخصوص (أولاد السبنيول، مثلا...). وقبل فتح باب المداخلات للحاضرين في اللقاء الذين قدموا مقترحاتهم التي يمكن الأخذ بها في الخطوات العملية المقبلة للمنتدى قصد الضغط من أجل إطلاق سراح المعتقلين وتعويض المتضررين ومحاكمة من ثبت تورطه في هذه الأحداث، ألقت أسرة المناضل الحقوقي والنقابي وعضو منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب المعتقل على خلفية ذات الأحداث، الأستاذ محمد جلول، متمثلة في والدته وعمه وزوجته وأطفاله الثلاثة كلمة مقتضبة طالبت من خلالها كل الفعاليات الحقوقية والمدنية والنقابية وعلى رأسها منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب بالوقوف إلى جانبه ومؤازرته وممارسة كافة أشكال الضغط المتاحة لإطلاق سراحه، لكون التهم الموجهة له ملفقة ولا أساس لها من الصحة، حيث اعتقلته القوات المخزنية من داخل المدرسة التي يدرس بها وهو يؤدي واجبه المهني دون إشعار أسرته بذلك، كما قدم خلال نفس اللقاء عضو تنسيقية الحسيمة لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، الأستاذ محمد يمين، للمنسق العام للمنتدى تقريرا مفصلا وشاملا حول أحداث 20 و21 فبراير 2011 بمدينة الحسيمة التي شهدت أحداث شغب وتخريب وإحراق للممتلكات العامة والخاصة، وأبرزها الإحراق المتعمد الذي طال الشبان الخمسة داخل وكالة بنكية، قصد البث في صيغة تصريفه للرأي العام الوطني والدولي، حيث أكد هذا الأخير أن المنتدى سيقوم بترجمته إلى عدة لغات أجنبية وسيعرضه على الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية ذات الصلة. هذا، وقد أكد الدكتور عبد الوهاب تدمري قبل اختتام هذا اللقاء أن المنتدى سيقوم خلال الأيام المقبلة بمراسلة كافة الهيئات والمجالس الحقوقية الدولية التابعة لمنظمة الأممالمتحدة في شأن أحداث الريف الأخيرة بعد مراسلته لكل من رئيس الحكومة المغربية ووزير الداخلية ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كما سينظر في إمكانية عرض ملف الانتهاكات المرتكبة أخيرا في حق ساكنة أيث بوعياش وإمزورن على أنظار محكمة العدل الدولية. وقد اختتم هذا اللقاء في جو نضالي طبعه الانضباط والتحلي بروح المسؤولية على إيقاع وصلات فنية للفنان صلاح الطويل. واتجهت القافلة التضامنية صباح يوم الأحد 25 مارس إلى مدينة بني بوعياش حيث نظمت مسيرة بالمدينة، انطلقت من وادي سفتولة مرورا بحي بوغرمان الشعبي الذي انطلقت منه شرارة الأحداث الأخيرة لتتوقف بالمكان الذي شهد حادثة اغتيال المناضل الشهيد كمال الحساني يوم 27 أكتوبر 2011 على أيدي بلطجية مخزنية مسخرة، وازتها كلمة لكاتب الفرع المحلي للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، المناضل محمد الحجيوي، شرح فيها حيثيات اغتيال رفيقه في الجمعية وحركة 20 فبراير، منوها بالمبادرة التضامنية لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، لتجوب بعدها المسيرة مختلف الشوارع الرئيسية للمدينة مختتمة مسارها أمام المركب الثقافي والرياضي محمد بن عبد الكريم الخطابي بوقفة احتجاجية بعين المكان تميزت بإلقاء المنسق العام للمنتدى كلمة تاريخية أمام الجماهير التي حجت بكثافة للمشاركة إلى جانب قافلة التضامن في هذه الملحمة النضالية المشهودة، أكد فيها زيف توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وأكذوبة العدالة الانتقالية، و فراغ محتوى الانتقال الديمقراطي، مجددا تأكيده على أن ما حدث بالمنطقة هو حملة تأديبية لأهالي الريف، وتذكيرا بأحداث سنتي 1958 و1959، واستمرارا لسياسة المقاربة القمعية مع قضايا الريف وأهله. و في ذات السياق ذكر الدكتور المنسق العام بمتابعة المنتدى عن كثب لمجريات الوضع الحقوقي من خلال مستويين، أحدهما ميداني من خلال التقصي المباشر للخروقات والتجاوزات ذات الصلة بالشأن الحقوقي تقوم به لجنة تابعة للمنتدى المحلي بالحسيمة يترأسها الأستاذ إبراهيم مومي، والمستوى الثاني من خلال إصدار بيانات وإرسال مراسلات للمؤسسات المسؤولة كالرسالة التي وجهها المنتدى بمضمون قوي إلى رئيس الحكومة، وتلك الموجهة إلى وزير الداخلية، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مشيرا إلى عزم المنتدى على مراسلة المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والدفع في اتجاه تشكيل لجنة دولية لمؤازرة المعتقلين وعلى رأسهم عضو منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب الأستاذ محمد جلول. وجدد تأكيده على مؤازرة المنتدى لكل قضايا الريف الحقوقية حتى تحقيق الشعار المركزي الذي يتأطر في الحق في تقرير المصير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، انسجاما مع المنظومة الحقوقية الدولية. وفي نفس السياق تناول الكلمة المناضل سعيد الوزغاري عضو الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين، رحب فيها بمبادرة منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، كما ندد بالتدخل الهمجي لقوى القمع الطبقي في حق الساكنة الحاملة لمطالب عادلة ومشروعة. إثر ذلك، نظمت القافلة زيارة إلى ثانوية مولاي إسماعيل بإمزورن التي تعرضت لاقتحام من طرف عناصر من القوات القمعية بالزي المدني والرسمي يوم 15 مارس 2012، حيث وقفت على الآثار والمخلفات السيئة لهذا التدخل الهمجي وغير المبرر الذي استهدف تلاميذ المؤسسة في مراقدهم بالقسم الداخلي، والذي وظفت فيه قوى القمع الهمجية شتى الوسائل القمعية من عصي وهراوات وسكاكين وسلاسل... إلخ، وبعد ذلك توجهت إلى بلدة بوكيدارن حيث نظمت مسيرة بمعية جمعية المعطلين ومجموعة من الفعاليات المدنية بالمنطقة. وقبل توجهها مجددا إلى مدينة الحسيمة، قامت القافلة بزيارة تفقدية لمقر قيادة الزعيم المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي بمنطقة أجدير، قدم خلالها الأستاذ أحمد المرابط شروحات ضافية حول هذه المعلمة التاريخية الشامخة التي تشهد حاليا إهمالا مقصودا من طرف الدولة، وحول التاريخ المشرق للأمير مولاي موحند في دحضه للقوات الاستعمارية بشمال المغرب ومواقفه الثابتة تجاه المستعمر البغيض وكذا العوامل التي دفعته لتكوين دولة مستقلة بمنطقة الريف، حيث قال الأستاذ المرابط: "إن الأمير مولاي موحند حين شكل دولة دستورية مستقلة بكامل مقوماتها بمنطقة الريف، تم اتهامه من طرف الاستعمار وأذنابه المتمثلين في المخزن المغربي بالانفصال، غير أن الحقيقة كانت هي انفصاله عن المقيم العام بالمغرب آنذاك الجنرال الفرنسي ليوطي، وهو ما يعتبر وسام شرف يفتخر به عاليا وغاليا هو ورفاقه في الكفاح وكافة أبناء منطقة الريف". واختتم المنتدى هذه القافلة بتنظيم وقفة احتجاجية أمام السجن المحلي بالحسيمة مساء يوم الأحد 25 مارس 2012 استمرت حوالي 60 دقيقة، للضغط من أجل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي على خلفية الأحداث الأخيرة، ألقى خلالها المنسق العام للمنتدى، الدكتور عبد الوهاب تدمري، كلمة ختامية أكد فيها عزم المنتدى على مواصلة خطواته النضالية والتصعيدية، جنبا إلى جنب مع فعاليات وساكنة المنطقة، إلى غاية تحقيق كافة مطالبها العادلة والمشروعة وإطلاق سراح كل المعتقلين، لتختتم بتلاوة الفاتحة ترحما على شهداء الحرية والكرامة.