تعد القصبة المرينية واحدة من أهم المعالم التاريخية التي تزخر بها مدينة تطوان، والتي اضطلعت بدور هام على مدى القرون القليلة الماضية منذ عهد الدولة المرينية، بالنظر لما كانت تحتله المدينة آنذاك من أهمية ومكانة مرموقة، لاسيما موقعها الجغرافي باعتبارها بوابة المغرب على أوروبا وحوض البحر الأبيض المتوسط بما يحبل به من ثقافة و تراث حضاري كبير، وأيضا لدور القصبة كموقع عسكري حصين للذود والدفاع عن المدينة في مواجهة الأخطار الخارجية المحدقة بها من طرف الغزاة الإسبان و قبلهم البرتغاليون. ويرجع المؤرخون تاريخ هذه القصبة إلى سنة 1286م على يد السلطان أبو يوسف يعقوب المريني، ليعيد بناءها من جديد السلطان محمد الشيخ الوطاسي مع متم القرن الخامس عشر الميلادي. بهذا التاريخ المجيد و بهذا الشأو الذي استأثرت به هذه القصبة، تكون بحق معلمة تاريخية تنم عن حضارة هذا الوطن الضاربة جذورها في أعماق الزمن الغابر. بيد أن هذا التاريخ وإن كان يبرز من جهة مجد المكان عبر الزمان، واهتمام الأولين به، و محافظتهم عليه كإرث يستوجب فائق العناية والاهتمام، بما يحمله من قيمة إنسانية فريدة مشتركة، إلا أنه و بالمقابل لا يعكس تحضر الآخرين في علاقتهم بهكذا تراث. كيف لا؟ وقد أضحت هذه المعلمة مقصدا، ومحجا لكل من لفظتهم أمواج الدهر نحو هامش الحياة المتشعبة دهاليزها، من شباب اثروا الانزواء في عالم المخدرات وما يتبعها من مبيقيات جاعلين من أسوارها حجابا يتستر على زلاتهم ومن أساساته الحديدة أيضا مصدرا للحصول على نشوة عابرة تذهب العقول والألباب، وفي رمشة عين يغضب مجد الأجداد على الأحفاد، بأن تهوى جدرانها على هؤلاء المذنبين الضحايا، ليبقى معه التاريخ شاهدا على المفارقة الغريبة العجيبة التي تتمثل في أن أجدادنا بنوا و شيدوا صروحا تليدة لتحمي أمجاد الأمة من نوائب الدهر عبر سنوات، إلا أنهم لم يتفطنوا إلى أنها قد تقتل أجيالا لاحقة في دقائق بل ثوان معدودات . فكم محزن أن نرى الآخرين لازالوا يعتنون بتاريخنا بل ويجعلون منه مفخرة ومصدر ثروة نظير ما يقدمونه للزائرين من معالم غرناطة وقرطبة... مثلا، والتي هي في الأصل ليست لهم، فيما نحن لا زلنا نأخذ بين الفينة والأخرى من كأس الحنين والنوستالجيا المسكرة و القاتلة في آن واحد. وكم هم مقصرون أولئك من أخذوا على عاتقهم السهر على المحافظة على كنوز المدينة الباذخة الثراء ونفض الثرى على أسرارها المتوارية عن الأنظار.ليظل السؤال معلقا دونما جواب إلى حين...متى سيتم إعادة الاعتبار إلى هذه المعلمة التاريخية؟ وإلى متى سيظل القائمون على الشأن الثقافي والحضاري لهذه المدينة دائما وأبدا يحاولون حجب شمس الحقيقة بغربال الوهم؟قائلين: "عذرا تطوان أيتها العين الحزينة فنحن أبناء القرن الواحد و العشرين و ما نحن لجرحك الغائر ناسين ولكننا متناسين واعلمي أننا لا يهمنا من ثقافة الأجداد غير قولهم"اللي بغا يربح العام طويل"