تتجه الأنظار صوب هذه القصبة ، المتواجدة بحي "البار بورين“ قرب "مدرسة سيدي أحمد البقال“كل عام عندما يقصدها الدرك الملكي لتفجير الشهب الصناعية بها يوم الاحتفال بعيد العرش المجيد، مما يدل على تواجد هذه المعلمة الضائعة بمنطقة استراتيجيه مميزة، بحيث تمكن ساكنة تطوان قاطبة من مشاهدة منظر أخاذ يظل عالقا بالذهن طيلة السنة إن لم يكن مدى الحياة ما دامنا لم نعتد عليه من قبل. هذا الحدث يدفعنا للتفكير بمصير هذه القلعة الخالدة و المقاومة لشتى عوامل التخريب سواء كانت طبيعية أم بفعل الأيادي المدمرة التي ركنت إليها لتجعلها مرتعا للفساد و انتشار الرذيلة، و منعت المتوجهين هناك من الاستمتاع بالمناظر الخلابة التي تمتد على مدى البصر لغاية شاطئ مرتيل ، فتبدو تطوان تحت بساط من يفترش تلك الحدائق التي أنشأت مؤخرا و كأنها ملك له... فما سبب التهميش و اللامبالاة اللذين سيعملان على اندثار هذا الصرح الشامخ يا ترى، و الشاهد على عراقة شعب اهتم في القديم بإنشاء معالم ضخمة، متينة و مقاومة للزمن؟ كنظرة موجزة عن هذه القصبة فإن تاريخ إنشائها يعود لسنة 1286 على يد السلطان أبو يوسف يعقوب المريني، وجدد بنائها السلطان محمد الشيخ الوطاسي مع متم القرن الخامس عشر الميلادي بمساعدة مهاجرين أندلسيين ، و عندما عرفت المدينة ازدهارا كبيرا في العمران أصبحت مركز استقبال الحضارة الإسلامية الأندلسية. هذا التاريخ البسيط و الشحيح من حيث المعلومات يدفعنا للبحث قصد معرفة المزيد عن هذه القصبة، و الطلب من الباحثين المختصين بموافاتنا بالمزيد من المعلومات بشأنها. كما يجعلنا نتساءل عن حظها مما نالته مثيلاتها في الجنوب، في كل من درعا وآسا و دابس جنوب الأطلس ضمن برنامج ترميم القصبات التاريخية للسنة الماضية، بحيث قامت وزارة الثقافة ومنظمة اليونسكو بإصلاحها بغلاف مالي ناهز 47 مليون دولار و ذلك قصد اجتذاب أكبر عدد من الزوار إليها و بالفعل توجه لها عدة مشاهير كجاك شيراك مثلا.. و حولها هذا الاهتمام لإرث عالمي إنساني. و قد عرفت القصبة المرينية بدورها عدة أنشطة كتمثيل بعض الأدوار السينمائية بها من فيلم"أفغانستان لماذا؟“ و كذا بعض اللقطات من فيلم للممثل الأمريكي الشهير"أرنو لد شواشينايكر“، و عوض الاستمرار على هذا النهج كي تظل القصبة على ما عهد أهل تأسيسها بها، و نرد لهم بذلك الجميل الذي قصدوه من جعلنا شعبا يمدد جذور الحضارة و التقدم لأجداد سبقونا لذلك، نجد العكس فيمن يسعون لتحطيم الأخلاق و إفساد العقول و تدميرها فحولوها وكرا لهم و مخبأْ لسمومهم و شرورهم. فمن المسؤول عن هذا التسيب، و كيف التفاعل مع أصوات منددة بالفساد، داعية للإصلاح قصد إعادة مجد قديم،أمام آذان صماء غير آبهة لما يحدث من ترابط لعوامل فساد متشابكة، في أماكن اختلط الجهل فيها بالرذيلة، و جعل مدرسة ابتدائية تظم ناشئة مهمة طامحة لغد أفضل مجاورة لوكر من أوكار الفساد، كان من المتوقع أن يصبح قبلة للسياح و الزوار الذين هم شهود عصر على حضارة شامخة و صامدة أمام غدر الزمن و إفك الأيادي المدمرة ... أمنة أحرات