ترصد بعض مظاهر "الترمضينة" بمدينة المضيق تكثر العديد من مظاهر الإعتداء اللفظي وتبادل عبارات السب والشتم والكلام النابي بين الناس في شوارعنا وساحاتنا العمومية في نهار رمضان.
فهذا الشهر الذي يفترض فيه أنه لحظة إيمانية فضيلة ومحطة لتهذيب النفوس وكف الأذى عن الناس، يتحول، بمبرر الصيام، في كثير من الأحيان إلى ساحة حرب مفتوحة يستعمل فيها كل العبارات المسيئة والإهانات القبيحة من "معجم" الشارع، وتنتهي هذه المعارك اللفظية في كثير من الأحيان إلى استعمال الأسلحة البيضاء وإتمام نهار رمضان داخل ردهات مخافر الشرطة.
"جريدة بريس تطوان" رصدت بعض مظاهر "الترمضينة" منذ بداية من الشهر الفضيل بأحد الشوارع بمدينة المضيق، التي تحولت إلى "سوق عشوائية"، ووقفت عند العديد من ملامح الفوضى والشجار في رابع أيام رمضان.
ساعة في الجحيم... كل شيء بدا عاديا في رابع أيام رمضان؛ هنا بشارع الجامعة العربية بمدينة المضيق اعتادت الساكنة أن تبدأ الساعات الأولى من الصباح على الصوت المزعج للباعة المتجولين الذين حولوا الشارع إلى "مستوطنة" يقضون فيهانهارهم في بيع الخضر والفواكه والأسماك والملابس وأشياء أخرى، وينهون ليلهم داخل جنبات الحي في الكراريس،المتواجدة به منذ سنوات، والتي تحولت إلى محلات ثابتة بالإسمنت المسلح. اعتادت ساكنة الحي على العويل والصراخ طيلة 24 ساعة متواصلة، وما حدث في الخميس الأول من رمضان غيض من الفيض الذي حول العيش في "الجامعة العربية" إلى جحيم. "هذا موطعي والله لا جلستي فيه" "واش صايم ولا" عبارات وغيرها كثير ينهل من معجم مبتذل من السب والشتم، رافق الساعات الأولى من هذا الصباح، بين بائع متجول للسمك وأخر يفترش ممرا عموميا لبيع الخضر، تطور السباب ليتحول إلى صراع بالأيدي، ولولا تدخل بعض المارة لتحول المشهد إلى جريمة قتل على رؤرس الأشهاد بعد أن استل أحدهم سكينا في وجه صديقه صارخا "والله حتى نفطر على....".
غير بعيد عن هذا المشهد، وبنفس الشارع أيضا، صورة أخرى من مظاهر "الفوضى" التي تسود بعض شوارع مدينة المضيق؛ صاحب محل لبيع "الشباكية" حول الساحة المقابلة لمحله إلى فضاء "محجوز" قام بإضافته إلى محله ووضع واقية كبيرة وحواجز فاصلة في غياب تام للسلطات المحلية لتحرير الملك العمومي من هذا "الاحتلال". تصادف هذا الصباح مع شجار بين أحد العمال وسيدة تعرض بعض المنتوجات المحلية قرب هذا المحل، تطور الشجار إلى تبادل الإهانات والشتم، وحال تدخل سيدة أخرى "بالخيط الأبيض" بين المتشاجرين دون حدوث عواقب وخيمة.
غير بعيد عن هذا الموقف يتراءى شجار أخر بين فئة، تقول بعض ساكنة الحي أنها "تحتل" شارع الجامعة العربية منذ مدة طويلة، مجموعة من الشباب، تؤكد المصادر، أن السلطات المحلية "عجزت" عن توقيف "احتلالهم" لهذا الشارع، إذ ورغم حصول بعضهم على محلات تجارية ببعض الأسواق العمومية بالمدينة إلا أنهم امتنعوا عن الالتحاق بها في تحد صارخ لقرار السلطات. يعمد هؤلاء إلى عرض سلعهم بالشارع العام بالليل والنهار ويمنعون السير وولوج السيارات من وإلى الممرات المؤدية للحي. فيما يحولون "البراريك" المتواجدة هناك إلى مبيت ليلي يكثر فيه الشجار واستعمال "الممنوعات" بالقرب من إحدى أسوار مؤسسة عمر بن الخطاب الابتدائية المتواجدة في الجهة الغربية من شارع الجامعة العربية، بحسب مصدر يقطن داخل الحي. من غريب الصدف أن شجار هذا الصباح نشب بين أحد هؤلاء وبعض أعوان السلطة الذين حضروا رفقة بعض عناصر القوات المساعدة لفك الشجارات المتوقعة والتقليل من حدة مظاهر "الترمضينة" في هذا الصباح القائظ. وكعادتها، لم تفلح دورية السلطات المحلية في "تحرير" الملك العمومي بهذا الحي، وعادت أدراجها من حيث أتت في انتظار من يوقف "احتلال الجامعة العربية".
غادرت "بريس تطوان" شارع الجامعة العربية بالمضيق على وقع شجار حاد بين بائع متجول وشاب أخر نشب بسبب عبارة "شوف قدامك" التي رددها أحدهما ليجيبه الأخر بعبارة "واش صايم ولا" ليتطور الصراع إلى تبادل اللكمات وضربة "ميزان" هوى بها البائع المتجول على الشاب ولاذ بالفرار.
أسباب "الترمضينة" لماذا تكثر مظاهر الشجار وعبارات السب والقذف في نهار رمضان؟ سؤال وجهته "بريس تطوان" لمجموعة من المواطنين والمواطنات واختلفت الأراء في الأسباب الكامنة وراء ظاهرة "الترمضينة" في هذا الشهر الفضيل.
"السي محمد" إمام مسجد بمدينة المضيق عزا أمر "الترمضينة" إلى ابتعاد بعض الناس عن الدين، فرمضان، بحسب قوله، يفترض في الصائم النية الحسنة في الإقبال على الصوم والابتعاد عن كل مبطلاته من سب وشتم ولغو الحديث، وعلى الصائم أن يستحضر عظمة هذا الشهر المبارك، ويبتعد فيه عن كل "السيئات" التي قد تبطل صومه.
أما "الحاجة فريدة" فربطت "الترمضينة" بالحالة النفسية للصائمين، فبحسبها، يستيقظ الناس في صباح رمضان مشحونين بعواطف نفسية تدفعهم للاعتقاد أنهم "صائمين" ومع أي شرارة اختلاف أو سوء تفاهم مع شخص ما يتحول الأمر إلى شجار وتبادل للسب، وتضيف أن السهر إلى ساعات متأخرة من الليل في رمضان والإستيقاظ مبكرا يساهم في تشنج الأعصاب وتأجيج مظاهر "الترمضينة" بين المواطنين.
سيدة أخرى أكدت أن مظاهر رمضان في سنوات خلت كانت تكتسي طابع الفرح وتتخذ أشكالا احتفالية عديدة خصوصا مع قرب أذان المغرب؛ تبرز من خلال انتشار عبارات التحية والتهاني برمضان وتبادل الطعام بين الجيران والعائلات، إلا أن الأمور انقلبت إلى مظاهر مقيتة من "الترمضينة" توحي أن بعض الناس يصومون "بالجميل" ليس إلا.