يتميز التطوانيون بإكرامهم للضيوف والعناية بتهييء المائدة المناسبة لهم، وليس من طبعهم دعوة الضيف ليأكل ما تيسر من الطعام العادي دون سابق إعداد وعناية، وهذا ليس من باب البخل الذي ينسبه إليهم بعض المغرضين، بل إنه من مظاهر العناية التي ينبغي أن يقابل بها الضيف، بحيث يكون ما يوضع أمامه في المائدة لائقا ومنسقا ومختارا ورفيعا، يتناسب مع مستوى الضيف المكرم. وقبل الحديث عن محتوى المائدة التطوانية، يجدر بنا أن نشير إلى أن هذه المائدة تعد بطريقة مناسبة، حيث تشتمل في الغالب على الطيفور الذي توضع فوقه الصينية الكبيرة من النحاس الأصفر اللامع البراق، التي لا تحضر إلا بعد مرور الخادمة على المدعوين بالطاس والإبريق المهياً لغسل أيديهم، مع الفوطة أو المنشفة النظيفة المرشوشة بماء الزهر، ذلك لأن من عادة القوم أن لا يشرعوا في الأكل إلا بعد غسل أيديهم، وكذا لا يقومون من مجلسهم ذاك إلا بعد غسل أيديهم بالماء والصابون بنفس الطريقة. وعندما يوضع الطيفور مع الصينية، ترص عليها أطباق السلطات المتنوعة، كما يحضر طبق الخبز التي تشق دون قطع على هيئة معينة، ثم توزع على المدعوين، لكي يأخذ كل ما يكفيه، ثم يوضع الطبق الرئيسي في وسط المائدة، ليأكل منه الجميع، كل مما يليه. ويعرف الطعام الذي يعد لموائد المناسبات الكبرى باسم "الطعيم"، ويشتمل الطعيم على ما يلي: اللحم، أي لحم الغنمي المحمر أو المشرمل أو بالتفاية (بصل وبيض مسلوق مع عصير الليمون)، والدجاج المقلي أو المشرمل … إلخ، والحلوى (إما المحنشة أو المسمنة أو الطابع .. وقد جرت العادة في ليالي الأعراس بتطوان أن يقدم طعام العشاء لجميع المدعوين – مهما كان عددهم -، ويكون هذا الإكرام عند الأعيان والوجهاء بالطعيم المذكور، بينما يكون عند العامة بأطباق الكسكس بالدجاج والحمص والزبيب والبصل. العنوان: تطوان، سمات وملامح من الحياة الاجتماعية ذ. حسناء محمد داود منشورات مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة (بريس تطوان) يتبع...