كان لبليونش سور على الواجهة البحرية، يمتد من لهر أمزار غربا إلى برج السويحلة شرقا، وتتخلله مجموعة من الأبراج تشكل دعامات لتقوية الأسوار المتصلة بها. أولها البرج الضخم الذي كان عند مصب نهر أمزار وهو موضع الحدود الآن، وقد هدم هذا البرج ولم يبق له أثر، وبعده برج آخر صغير يعرف عند الناس بالبريج وموضعه الآن في غرسة السيد الحمزاوي، وكانت متصلة به من جهة الغرب قطعة من السور إلى عهد قريب، وبعده برج يعرف ببرج ابن سوسان في موضع الدرج الحديدي النازل إلى المرسى الذي بني حديثا ثم برج السويحلة. وتبقى بعد ذلك أحراش ومرتفعات تمثل سورا طبيعيا لا يمكن اختراقه. وقد أشار إلى هذه الأسوار الأنصاري فقال: «ومسالكها وطرقها تحت أسوار وأبراج وأبواب». ومما يدل على أن السور كان يمتد من مصب نهر أمزار قول الأنصاري: «وليس بها من الفنادق إلا فندق واحد بساحل القطارة خارج السور هناك». وساحل القطارة هو المسمى الآن بساحل الزيتون. وكانت هذه الأسوار والأبراج ترى من الجزيرة الخضراء. وصارت موضع إعجاب لكل من زار سبتة وبليونش، قال ابن فضل الله العمري: «وعلى سبتة أبراج كثيرة وأسوارها عظيمة من صخر محيط بها، وكذلك يحيط بجبل مينائها الذي بشرقيها وبربضها أسوار، وطول المدينة من السور الغربي المحيط على ربضها إلى آخر الجزيرة خمسة أميال». والظاهر أن المقصود بقوله: وبربضها أسوار، بليونش. وقال ابن الخطيب «وإذا قامت بيض أسوارها، وكان جبل بليونش شمامة أزهارها، والمنارة منارة أنوارها، كيف لا ترغب النفوس في جوارها، وتميم الخواطر بين أنجادها وأغوارها». و لم يكن ببليونش بناء خارج السور، سوى المرسى الذي يشرف عليه برج السويحلة، والفندق الذي كان بساحل القطارة خارج السور هناك. وعند بقايا بعض الأسوار القديمة عند سفح الأبراج توجد بعض القطع الجبصية المصبوغة التي بدأت تنمحي، مكونة من أشرطة ومنحنيات باللونين الأسود والأحمر متشابهة فيما بينها، كي تعطي منظرا جميلا، هذا النوع من الزخارف استعمل في عهد المرابطين والذين جاءوا من بعدهم. الكتاب: سبتة وبليونش "دراسة في التاريخ والحضارة" للمؤلف: د. عدنان أجانة منشورات تطاون أسمير/ الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية (بريس تطوان) يتبع...