وواكب هجرة الموريسكيين إلى المغرب احتلال أول جيب مغربي من طرف الإسبان هو (سبتة) فاندفع الأندلسيون في صراع مشترك مع الجيش المغربي لتحرير المنطقة. وقد استولى "الإسبان " (عام 1133ه) على موضع المحلة قرب سبتة و أوقعوا بالمسلمين و استولوا على ما بأيديهم فاستنفر السلطان الجند من جميع أنحاء المغرب فردهم على أعقابهم و عادوا إلى سبتة (تاريخ الضعيف ص97). وهذا الصراع الذي خاضه المولى إسماعيل والتجهيزات الحربية التي أقامها في "مرتيل" و "تطوان" لم تمنعه من مواصلة التجارة مع ثغور الباب العالي خاصة (دوبيرنيك) محمية الأتراك حيث توجد في (دار المحفوضات) بالمدينة وثيقة تدور حول العلائق التجارية مع جمهورية دوبرنيك وقد نشرت هذه الوثائق في كتاب صدر عام 260 بيوغوسلافيا بإشراف المعهد الشرقي (سبرايو) و قد وقفت شخصيا على ذلك. وقد حاصر المولى عبد الله سبتة عام 1144ه بعد وفاة والده المولى إسماعيل و ذلك بقيادة الباشا أحمد بن علي الريفي الذي عمل على دعم الدفاع عن المنطقة بإقامة أبراج منها (برج مارتيل) عام (1132ه/1719). و كانت بتطوان (قصبة) هي عبارة عن ثكنة عسكرية أسست عام (685ه/1286م) في عهد السلطان يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المريني ( الاستقصا ج2 ص 43)في حومة جامع القصبة على ما يظهر وقد قام قائد تطوان محمد تميم الأول عام (1156ه/1743)ببناء أسوار تطوان و إصلاح قصبتها (عام 1157ه) بعد أن هدمها الباشا أحمد الريفي وقام محمد بن عمر لوقش بتأسيس البرج المثمن بالقصبة و صهريجي الماء الصافي بها ولم ينس أهل تطوان الجانب الثقافي حيث أسس قائدهم اول مدرسة بتطوان و هي المدرس لوقش. وكان للتجربة في مرسى مارتيل آنذاك دور كبير في الدفاع عن الشاطئ مع ممارسة التجارة و كان للمرسى يومذاك قائد يشرف على البحرية في نطاق العمالة كما كان المر بالنسبة للقائد احمد لوقش المعروف عند الإسبان (Lucas) (مجلة هسبريس نموذج م 9 ص 344 عام 1968/طنجة بقلم روث Routh ص221). وهذا النظام كان خاصا بتطوان لأن ميناء أبي رقراق كان خاضعا لقائد يسمى (كومسير الميناء) كما ورد في رسالة وجهها القائد (يوسف بسكاينو)عام 1624م على هولندا ( دوكاستر – س- أ – هولندا ، م4 ص 42) و أصبح جابي حقوق الجمرك في المرسي يسمى ( أمين الثغر) أواسط الدولة العلوية ثم دخل محله أمين الديوانة ( ملحق العز و الصولة لابن زيدان ج1 ص 397). وقد جدد السلطان محمد بن عبد الله بناء برج مارتيل ( عام 1173ه/1759) و عزز الجهاز البحري في المنطقة فاستقدم من ( ايت عطا) 600 رجل مع 400 من العبيد إلى تطوان للتدرب في طنجة على ركوب البحر في الغلائط و كانت لديه منها عشرون سفينة يركبون فيها كل يوم داخل البوغاز و سواحل إسبانيا متطارحين مع بعضهم بقصد التعليم ( أكنسوس- الجيش العرموم ج1 ص 172)/ ( الاستقصا ج4 ص117 الاتحاف لابن زيدان ج3 ص262). كما رصد محمد الثالث رماة (أنجرة) لحراسة نواحي سبتة (الاستقصا ج 4 ص 95) و أهل ( أنجرة) أشاوش واصلوا الجهاد حتى في أول الحماية الإسبانية في المنطقة ولم يضعوا السلاح إلا تحت الضغط عام 1919 وقد وصفهم الإسبان نظرا لاستماتتهم في النضال بأنهم لم يكونوا يقصدون بذلك سوى النهب كما وصفوا المجاهدين في (جزر الملوية ) بالشفارين ( آي اللصوص بالعامية المغربية) و معلوم أن الإسبان احتلوا هذه الجزر عام 1265ه/1848. و نتيجة للجهاد الذي واصله المولى إسماعيل و الملوك العلويون بعده تزايد عدد الأسرى الإسبان بتطوان فتجددت المحاولات لتحرير هؤلاء الأسرى حيث ورد عام (1165ه/1751) على المولى عبد الله بفاس السفير الإسباني بقصد فكاك الأسرى الإسبان فطالب السلطان كمقابل بإطلاق سراح المسلمين المعتقلين في إسبانيا ( الجيش ج1 ص 125/ الاستقصا ج4 ص85/ الإتحاف لابن زيدان ج4 ص 453). وفي بحبوحة هذه الحركة الجهادية و التجارية معا واصل المغرب دعم الحركة السياحية بوضع جواز خاص للسياح من ( جبل طارق) تشجيعا لهم على الجواز إلى المغرب و توجد صورة للجواز المغربي الذي كانت القنصلية العامة للمملكة المغربية في جبل طارق تسلمه للأجانب الذين يودون زيارة المغرب و تحمل صورة أحد هذه الجوازات اسم القنصل العام عبد السلام بوزيان مع الطابع المغربي و التاريخ و هو (...189). وكانت قنصليات المغرب الدائمة يشرف عليها سعيد جسوس و عبد السلام بوزيان و الحاج باحماد عضو سفارة عبد الواحد الفاسي مبعوث المنصور السعدي عام 1009ه/1600م إلى إتجلترا.
منشورات جمعية تطاون أسمير "تطوان عاصمة الشمال و منبع إشعاعها " للكاتب عبد العزيز بن عبد الله