شخصيات طبعت تاريخ المغرب المعاصر...عبد الله كنون العلامة ورائد الكفاح الوطني في هذه الحلقة، سنقدم سيرة ومسيرة عن العلامة عبد الله كنون الذي سطع نجمه في العلوم والمعرفة وانخرط في سن مبكرة في الكفاح الوطني ضد الاستعمار فاستطاع أن يكون بحق العالم والمفكر والسياسي والصحافي إلى غير ذلك من الصفات التي استحق الرجل حملها عن جدارة واستحقاق.
الميلاد والنشأة
ازداد عبد الله بن عبد الصمد بن التهامي كنّون الحسني في شهر شتنبر كم سنة 1908 بمدينة فاس التي كانت عاصمة علمية للمغرب. ونشأ في وسط علمي، بين أحضان أسرة اشتهرت بالعلم في تلك المرحلة التاريخية التي كان يمر منها المغرب، وقد كان والده من كبار العلماء أما جدّه فقد كان من مشايخ جامع القرويين. المسار الدراسي
تلقى عبد الله كنون على يد والده تعليمه الأولي وحفظ في حضرته القرآن الكريم، ثم درس العلوم الدينية واللغوية على المشايخ وتعلم اللغتين الفرنسيّة والإسبانية في مدارس ومعاهد مدينة طنجة. بعد ذلك انتقل كنون إلى القرويين ودرس على أبرز علماء وأدباء هذه الجامعة العريقة في تلك الفترة، ونال درجة الدكتوراه في الأدب من جامعة مدريد الاسبانية عن أطروحة بعنوان “النبوغ المغربي في الأدب العربي”. المسار المهني والمسؤوليات
بعد تخرّجه عمل كنون مدرّسا ثم مديرا للمعهد الديني في طنجة ليتم تعيينه بعد ذلك عاملا على مدينة البوغاز. وفي عام 1954 عين كنون وزيرا للعدل، وتولى الأمانة العامة لرابطة علماء المغرب، إلى جانب إشرافه على عدة جرائد ومؤسسات علمية وثقافية. وشغل عضوية مجامع اللغة العربية بالقاهرة ودمشق وبغداد. المسار الفكري والسياسي بدأ كنون الكتابة في المجلات والصحف المغربية في سن مبكرة مما أكسبه شهرة داخل البلاد وخارجها، وسيرا على نهج عائلته العلمية عاد عبد الله إلى فاس ودرس في جامعة القرويين حيث تضلع في العلم على أيدي كبار المشايخ، وكوّن صداقات مع رواد الحركة الوطنية والإصلاح في المغرب. برز كنون وجها أدبيا وإصلاحيا ووطنيا، فقد احتفت الصحف بإنتاجه الشعري، وناضل من أجل رحيل الاحتلال الفرنسي وكان في طليعة المطالبين بالتعريب وتبني إصلاح اجتماعي وسياسي من منظور إسلامي. ترك بصمته على الحقل الإعلامي والثقافي، فترأس مجلة “لسان الدين”، وجريدة “الميثاق”، إلى جانب إصدارات صحفية أخرى. كان من دعاة التعريب، واتهم المدارس الفرنسية بتغييب الإسلام والعربية من مناهجها، فعمل مع آخرين على إنشاء عدد من المدارس الحرّة. وانخرط كنون في العمل السياسي، وشارك في تأسيس “الجمعيّة الوطنيّة” التي تفرّعت عنها “كتلة العمل الوطني”. وإلى جانب نشاطه السياسي والثقافي كان عبد الله كنون واحدا من كبار الفقهاء وعلماء اللغة مما أهله لتولي منصب أمين عام رابطة علماء المغرب، عرف عبد الله كنون بدفاعه عن مكانة جامعة القرويّين وقدم للملك الراحل الحسن الثاني مشروعا لتنظيمها، مما أسفر عن تقسيمها إلى ثلاث كليّات: كليّة الشريعة في فاس، كليّة الدراسات العربيّة في مراكش، وكلية أصول الدين في تطوان. كان كنون يرى أن أساس تخلف الأمة الإسلامية وتبعيتها للأجانب هو “إبعاد العلماء من حوزة الحكم ممارسة ومشورة”. مؤلفات كنون أصدر عبد الله كنون عدة كتب أدبية منها “أمراؤنا الشعراء”، “أدب الفقهاء” – “ذكريات مشاهير رجال المغرب” – “العصف والريحان”. وله ديوانان هما: “إيقاعات الهموم” و”لوحات شعرية”. وإلى جانب ذلك ساهم عبد الله كنون في إغناء الساحة الفكرية بكتابة العديد من المقالات العلمية والرصينة وله إصدارات في السياسة والتاريخ. الوفاة بعد مسار علمي ومهني حافل وافت المنية العلامة عبد الله كنون بمدينة طنجة يوم 9 يوليوز من سنة 1989 عن عمر ناهز ثمانين عاما.