في خضم معارك الحياة اليومية التي تخطف البريق من أعيننا تجدنا دوما في الحاجة الى كتف نستند عليه وقلب يأوي قلوبنا المنهكة عله يخيط شروخ الزمن فيه ويداوي ندبات الجروح الدفينة. تجدنا دوما نبحث عن من ينصت الى أحاديث أرواحنا العميقة ويعانق الأحلام التي تخالجنا بين الفينة والأخرى.
ما أتفهنا و نحن نحلم بالمستحيل وما أسعدنا والخليل يصدق الحلم الكاذب؛ ما أتعسنا ونحن نتألم من لكمات الحياة وما أغبطنا ويد الخليل تبلسم الكدمات. ثم؛ ما أروعنا ونحن نرمي بالضحكات خارجا ونطلق عنانها في الأرجاء رفقة الرفقة الصادقة التي اختارت ان تحتسي المر والحلو معنا.
و ما مكسبنا من الحياة؟! غير صديق صدوق صادق نلجأ إليه في اللحظات العصيبة و نهرول نحوه كي نتقاسم الفرحة العابرة و إياه، لنهرب من الحياة كي نعيش الحياة مع من نحب و نسعى معا الى ترسيخ الجمال في ذاكرة القلب .. لنكدس سويا ذكريات العمر في ألبوم لا ترى صوره بل تحس و تجعل الفؤاد ينبض عند كل ذكرى تسافر على متن الروح كالنسيم العليل. فجمال اللحظة لا يقاس برفعتها بل بمن شاركنا إياها و رسمها معنا لوحة باذخة تنطق حروف الحب.
أعمق علاقاتنا غالبا ما تبدأ بصدفة و أسرعها عمرا تلك التي نخطط لها، فعفوية اختياراتنا تبنى دوما على احتياجات داخلية لا نكاد نفهمها، لتجدنا و قد تسارع الزمن من حولنا وطدنا أواصرنا من الصدفة الجميلة التي لم ننتظر حدوثها و لم نتوقع..! (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({}); هو انجذاب لا إرادي نحو روح خلقت لتكملنا و تفهم ما يراودنا من هلوسات، هو انتقال من الوحدة القاتلة إلى التناغم الروحي، هو هروب من وحشة الأفكار و الأحاسيس إلى الأنس فيهما معا، هو الصدق و الصداقة و الركن الأنصع من العالم الشاسع البارد؛ أبسط و أنقى الجلسات التي نحظى بها هي حينما نجالس روحا طيبة صافية تحب ما نحن عليه و ما يميزنا من شذرات خير و شر، و أصدق قول ننطق به هو حينما نكون بجانب الشخص الذي اختارنا من بين ملايين البشر كي يعلن أمامنا ضعفه و قوته و نواياه... ؛ فمعرفتنا لأشخاص كثر أمر طبيعي جدا بحكم طبيعتنا الاجتماعية التي خلقنا عليها، في حين أن اقترابنا من أحدهم أو بعضهم هو الأمر الأقوى و الاقرب الى القلب مما يحيط به.
يقال أن العالم صار قرية صغيرة تضم أفرادا قريبة من بعضها البعض رغم بعد المسافات بفضل وسائل التواصل الحديثة، ليظن البعض أن الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصدقاء هو علامة الغنى و أن العائلة الصغيرة و هي تكبر شيئا فشيئا داخل الكوكب الافتراضي أعظم كنز ناله الشخص... ليصدم حين يبكي، بأن لا يد تمسح دمعه، بأن يصير طريح الفراش و لا يقدم أحد على زيارته، بأن يحتاج و لن تمد له يد العون، بأن يتمنى و لن يشاركه أحد الأمنيات... ثم بأن ينتقل إلى كنف الخالق و لن يفتقد و لن يدعى له....! فالصداقة الحقيقة حياة نعيشها على أرض الواقع، دروب نسلكها مع الرفاق و أسرة نؤسسها خارة الدفتر العائلي تقوم على الصدق و أسمى معانيه.