الحزب الاشتراكي الموحد يستعد للعودة بقوة إلى الساحة السياسية عبر بوابة المؤتمر الوطني الثالث الذي سينعقد خلال شهر مارس المقبل، وهي مناسبة لاختيار التوجهات الجديدة للحزب. إن المناضلين المنحدرين من منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وحركات أقصى اليسار (إلى الأمام، 23 مارس...) يستعدون لعقد مؤتمرهم الثالث خلال شهر مارس 2011 على إيقاع المناداة بالإصلاحات السياسية التي اعتادوا المطالبة بها، ولكن قد تطفو على السطح مواضيع جديدة من قبيل العلمانية، الحريات الفردية... وهي نفس المواضيع التي تعتبرها بعض المنظمات القريبة من هذا التيار السياسي مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وبيت الحكمة، بمثابة حصان طروادة، فلم لا ينضم الحزب الاشتراكي الموحد إلى جبهة المطالبين بمثل هاته القضايا، ويقومون بإدراجها في جدول أعمال مؤتمرهم القادم.؟ العلمانية دائما وأبدا محمد الساسي، أحد الأعضاء القياديين البارزين، وأحد صناع اندماج سنة 2005 الذي تمخض عن ولادة الحزب الاشتراكي الموحد، يعلق على هذا الموضوع قائلا: "العلمانية تعتبر دائما في صلب انشغالاتنا، مثلها مثل حرية المعتقدات، وبالنسبة للحزب هي ليست مجرد ترديد لشعار، ولكنها تندرج في إطار رؤية متكاملة وشمولية" ويضيف قائلا: "حينما طالبنا باعتبارنا يسارا ديمقراطيا بالقيم الكونية، فإننا اعتبرنا أن العلمانية بالضرورة تندرج ضمن هاته القيم، ومن ثم قلنا بأن إمارة المؤمنين يجب ألا تتحول من رمز إلى مؤسسة قائمة بذاتها". ويعتبر محمد الساسي أن الالتباس الحاصل بشأن مفهوم العلمانية يرجع إلى كون القوى المحافظة قد أعطت عنها تفسيرا سلبيا، واعتبرتها بمثابة الارتداد عن الدين. من جهة أخرى يرى عبد الإله المنصوري عضو المكتب السياسي للحزب" أن العلمانية مطب فئة قليلة من النخبة السياسية، وبالتالي نحن يبقى شغلنا الشاغل هو المطالبة بالتغيير الديمقراطي في شموليته، وحينما نطالب بالديمقراطية والعقلانية والحداثة، فإننا حتما نذهب صوب الفصل ما بين الدين والسياسة". ويضيف قائلا: "حرية المعتقدات، والمساواة ما بين المرأة والرجل، وإلغاء عقوبة الإعدام، كلها مواضيع من شأنها أن تكون في جدول أعمال مؤتمرنا القادم، ولكنها مواضيع ستتم مناقشتها في المرتبة الثانية بعد مناقشة موضوعاتنا الأساسية والتقليدية التي ما فتئنا نطالب بها وعلى رأسها الإصلاح الدستوري، والتوزيع العادل للثروات..." إخفاقات وتطلع نحو المستقبل يقول عضو المكتب السياسي مصطفى مفتاح: " نحن حزب المستقبل، وإن كنا قد فشلنا سابقا في فرض وجهات نظرنا" ويستطرد مقارنا ما بين شجاعة وجرأة الرفاق بالأمس، وتراجع هذه الجرأة في الوقت الحالي، "فالجميع يتذكر حينما فاجأ مؤسس منظمة العمل الديمقراطي الرفيق محمد بن سعيد أيت يدر سنة 1991 حينما طالب كلا من وزير الداخلية آنذاك ادريس البصري ووزير العدل، بالإفراج عن معتقلي سجن تازمامارت" ويضيف قائلا: " إن ذلك العهد قد ولى، فمثلا لم يستطع الحزب الوقوف ليتضامن مع الذين أعلنوا عن إفطارهم خلال شهر رمضان أمام الملأ، في إطار الدفاع عن حرية المعتقدات، بل أكثر من ذلك لم يستطع الحزب حتى أن يصدر بيانا يستنكر فيه عملية طرد بعض الأجانب المتهمين بعملية التبشير. هذه أشياء نأسف عليها، وأدت إلى فقداننا لمكانتنا، ولكن نتمنى أن يكون المؤتمر الوطني القادم فرصة لتصحيح أوضاع الحزب، ومن ثم الانطلاق نحو الجماهير لشرح موقفنا وأهدافنا بأسلوب بسيط ومقنع". تيارات وتحالفات إن البرامج السياسية ليس هي ما ينقص الحزب المحسوب على أقصى اليسار، ولكن الحزب أصبح هو الوحيد الذي يسبح حاليا ضد التيار، فهل يعتبر ذلك هو الوجهة الصحيحة لحزب تمثيليته شبه منعدمة داخل المؤسسات الدستورية؟ يعتبر بعض مناضلي الحزب أن هذه المبادئ لا رجعة فيها، بينما يرى آخرون بأنه من الأفضل للحزب أن يدافع أكثر عن العاطلين والطبقات الاجتماعية المسحوقة، ويتبنى فكرة بناء المغرب العربي الكبير، والدفاع عن كفاح الشعب الفلسطيني، ويضيفون بأن قضايا مثل العلمانية والحريات الفردية وحرية المعتقدات تبقى مجرد ترف فكري لن يستطيع الحزب فرضها على أرض الواقع. منذ سنة 2007 والحزب يعمل على التنسيق مع التنظيمات اليسارية غير الممثلة في الحكومة مثل حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي، وهذا التقارب هو ما أفرز ما يسمى بتجمع اليسار الديمقراطي، الذي استطاع أن يقدم مرشحين مشتركين في مجموعة من الدوائر الانتخابية دون أن يتمكن من الفوز، ولكن ذلك يبقى غير مهم، ما دام هدف الحزب الأول هو النجاح في إيصال أفكاره ومبادئه، قبل النجاح عن طريق صناديق الاقتراع. سليمان الخشين اطار بالجماعة الحضرية لمرتيل .