أعلنت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن تبنيها الصريح لمطلب العلمانية كمرجعية للدولة، وذلك في البيان العام الصادر عن مؤتمرها التاسع المنعقد أواخر الأسبوع الماضي ببوزنيقة، وقال خديجة الرياضي رئيسة الجمعية، في مؤتمر صحفي أمس الخميس، إن العلمانية ظلت مطلبا حاضرا في نضال للجمعية منذ مؤتمرات سابقة، وأن الإعلان عن ذلك خلال هذا المؤتمر جاء بعد 6 سنوات من النقاش الداخلي، معتبرة أن الإعلان الصريح عنها في هذا المؤتمر هو تتويج لمطالب عبرت عنها الجمعية تشكل مضمونها الحقيقي: وهي المطالبة بالمساواة في الإرث، والحق للمرأة المسلمة أن تتزوج بغير المسلم، والحق للفرد في اختيار العقيدة التي يشاء، ثم مطلب فصل الدين عن الدولة. ما قمنا به اليوم- تقول الرياضي- أننا قررنا أن نسمي الأمور بمسمياتها. وكان علي عمار، زعيم المنسحبين من مؤتمر الجمعية والمحسوب على تيار الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، قد أكد لالتجديد أن العلمانية مطلب سياسي وليس مطلبا حقوقيا، وهو مطلب تيار سياسي معين، في إشارة إلى حزب النهج الديمقراطي. الذي يسيطر أعضاؤه على الأجهزة التقريرية للجمعية. وبخصوص الموقف من الصحراء، أعلنت الرياضي أن المؤتمر قرر الاحتفاظ بالحل الديمقراطي، وهو موقف، تقول المتحدثة، توافقي بين الآراء المختلفة داخل الجمعية، بين من يرى أن من حق المغرب استكمال وحدته الترابية، وبين من يرى أن من حق الشعب الصحراوي تقرير مصيره. وأضافت أن المؤتمر لم يكن معروضا عليه تغيير الموقف، لأنه المعتاد في مثل هذه القضايا أن يسبقها نقاش داخلي، وهو ما لم يقع داخل الجمعية قبل المؤتمر الأخير. مشيرة إلى أن هناك اختلافا حقيقيا في التدبير بخصوص الموقف من الخروقات التي ترتكب في الأقاليم الجنوبية وفي مخيمات تندوف، إذ تتهم الجمعية بأنها لا تتعامل مع الموضوع على قاعدة المساواة، وقالت إن السبب في ذلك أننا نثق في تقارير فروع الجمعية، لكن لا يمكننا أن نثق في التقارير الرسمية، ومن أجل ذلك قررنا في هذا المؤتمر أن تقوم الجمعية بتقصي الحقائق، والذهاب إلى تندوف بنفسها لتقييم الوضع. ونفت الرياضي أن يكون الدفاع عن الشذوذ الجنسي أولوية بالنسبة للجمعية وبرامجها، بل أتى في سياق مناهضتها للتمييز والاضطهاد بشكل عام، وقالت إنه لما طرح الموضوع بحدة في الإعلام، سواء على إثر الاعتقالات الظالمة في أحداث القصر الكبير أو أحداث سيدي علي بن حمدوش، عبرنا كجمعية عن موقف. وقالت إن المؤتمر أكد على ضرورة احترام الحريات العامة والحريات الفردية بشكل عام، وردا على الاتهام الموجه للجمعية بأنها أصبحت محضنا للشواذ بالمغرب، قالت الرياضي إن ذلك مسألة شخصية للأعضاء، ولا يمكن للجمعية أن تتدخل فيها. وعبرت الرياضي عن أملها في أن تستطيع الجمعية لمّ الشمل مع المنسحبين، وقالت إن الخلاف معهم مبدئي وتمثيلي، مبدئي في شأن قضايا مثل الصحراء والعلمانية وغيرها، وتمثيلي لأن حضورهم في الأجهزة التقريرية للجمعية بات غير مقنع بالنسبة لهم، وقالت إن المكتب المركزي مصمم على مناقشة كيفية إعادة الأمور إلى مجاريها في أول اجتماع له في يونيو المقبل. وقال عبد الحميد أمين، نائب الرئيسة، سندخل في حوار مع رفاقنا، ونحن متفائلون من أن المياه ستعود إلى مجاريها، وهاجم أمين من وصفهم بأنهم يبيعون جلد الدب قبل أن يذبحوه، وأوضح قائلا: سنراسل جماهري(رئيس تحرير جريدة الاتحاد الاشتراكي) وسنطالبه بالاعتذار لجمعيتنا. وكان جماهري قد كتب مقالا ينتقد مؤتمر الجمعية وهيمنة تيار النهج الديمقراطي، مما دفع بتياري الطليعة واليسار الاشتراكي الموحد إلى انسحاب من المؤتمر، ووصف ذلك بقوله: إنما قام به أعضاء التيار المهيمن لا علاقة له بالعمل الحقوقي، وأضاف: لقد شعرنا أننا أمام زنزانة حقوقية وليس منظمة لها تاريخ طويل في مجال الدفاع عن القيم الإنسانية. وأن الجمعية رفعت السقف عاليا وهي تطالب المغرب باحتضان كل الدعاوى الانفصالية.