لا تحزني ان هجرك فقد هجر قبلك وسيهجر بعدك .. ستلتقينه يوما ما قد تجلسين قبالته في الباص وأنت تتفرسين ملامحه وهو يحاول أن يبتعد بناظره عنك يغريه الفضول بتأملك ويمنعه خوفه من الجالسة الى جواره تحتضن ذراعه .. وفجأة تلتقي عيناكما فيرميك بابتسامة باهتة اكراما لما كان يجمعكما ذات حب وستردين بشبه ابتسامة.. وعندما ستسأله عنك تلك المجاورة له القريبة من أنفاسه ومن عطره الذي لازال يأسر حواسك.. لن يتردد بالقول أنك زميلة دراسة أو جارة وأنه يكاد لا يتذكر اسمك حتى .. لكن اللباقة تفرض عليه أن يكون أنيقا حتى مع أولائك الذين لم يعد لهم مكان بذاكرته.. وستصدقه .. كما صدقته أنت من قبل فقد كان بارعا في حياكة الكلمات وامتطاء الحرف ليدفعك نحو الحتف.. وهو يغادر الباص سيساعدها على النزول ممسكا يدها برقة متناهية .. لازال لبقا مع النساء يعاملهن كملكات ولكنه يهجرهن كجاريات.. وهو ينزل في محطته مبتعدا عنك كما ابتعد ذات خلاف .. ينسى أن يلتفت ليودعك بابتسامة .. لابد أنه قصد ذلك.. يغادر هادئا مطمئنا الى أنه قد سلمك جثة هامدة لأمواج الذكرى.. تحاوين جاهدة أن تشغلي نفسك بأم تلاعب رضيعها في المقعد المجاور .. حتى وجه الرضيع الملائكي لا يغريك بالابتسام.. وأخيرا تستسلمين للذكرى.. قبل أيام خلت كنت أنت الجالسة بجواره في مقهاه المفضل .. تشاركينه قراءة الجريدة .. وتستنشقين باستمتاع دخان سيجارته .. يغريك قربه وتطرب حواسك لكلامه اللبق الأنيق تحسين أنك بجواره ملكة .. يبدي اعجابه التام بوشاحك .. فيصبح ذلك الوشاح مرافقا لك في كل لقاءاتكما.. يهديك في كل لقاء باقة من الكلمات المنتقاة بعناية .. وأنت في طريق العودة تغمرك رائحة الكلمات ..وتصبح لياليك بطعم السكر وصباحاتك بطعم الكرز.. وذات حلم جميل تستيقظين على كابوس بشع .. كان يومها يهديك وداعا أنيقا لا تذكرين الحجج .. ولا المبررات .. لكن الكلمات .. لازالت تسكنك الى الآن .. كلمات الوداع . مذ ذاك الوداع وأنت تهجرين ذاك الوشاح .. وتهجرين ذاك العطر الذي أهداك اياه.. ولكنك تعجزين أن تهجري ذكراه.. مذ ذاك الوداع وأن تتسائلين هل سيعود اليك ذات شوق ؟؟ ولا تجرئين على اللإجابة.. مذ ذاك الوداع وأنت تنتظرين اتصالا منه أو رسالة نصية لكنه ينسى أن يتذكرك .. ولا يسعك الا أن تتذكري نسيانه لك.. يتوقف الباص.. تحاولين استعادة هدوئك بعد عاصفة الذكريات التي أثارها وجوده.. تنزلين بهدوء وأنت تحاولين ملأ رئتيك بالهواء فقربه يسبب لك الاختناق .. وذكراه تسبب لك الاحتراق . ستجدين الحبيب الجديد بانتظارك .. يبتسم ما ان يراك.. يقترب منك.. فلا تغمرك نفس الأحاسيس التي كانت تغمرك سابقا برؤيته.. وتضطرين للاعتراف بأنك لم تحبيه ولكن حاولت أن تنسي به حبيبا قديما.. ويبدو أنك فشلت.. تحسين بتأنيب الضمير لخيانتك ثقته .. تتأبطين ذراعه وأنت تكررين { آسفة } وعندما سيستفسرك عن الأسف.. ستردين بابتسامة وتزدادين تشبثا بذراعه وتسألينه { كيف كان يومك؟